دعاة وعلماء اليمن: المرحلة تحتاج إلى إعادة النشاط الاقتصادي والبيع والشراء وتوفير فرص العمل
على وقع التمرد والانقلاب الحوثي – العفاشي، يستمر الاحتراب الداخلي وتتزايد أعداد العاطلين عن العمل وتتضخم نسبة الفقر والبطالة؛ فالحرب تأكل الأخضر واليابس، هكذا يعيش الاقتصاد اليمني ومن تحته المواطن أحلك اللحظات وهو يقترب من الانهيار، في بلد يرزح أكثر من نصف قاطنيه تحت خط الفقر، فقد امتدت تداعيات الحرب في البلد إلى عرقلة عمل المؤسسات الكبيرة والصغيرة تجارية كانت أم تنموية، حيث أدى الانقلاب وما رافقه من توقف الاستثمار وغياب للكهرباء وندرة الوقود إلى قيام المؤسسات بخفض ساعات العمل، وتقليص عدد الموظفين ومرتباتهم ودمج وإغلاق بعض الفروع مما أثر على مستوی معيشة الأسر اليمنية، وأجبرت هذه الظروف العديد من المدن المحررة في مناطق عدة من البلاد إلى استغلال إيراداتها في دفع رواتب موظفيها، ورغم هذه الإجراءات إلا أن عددا كبيرا من الموظفين تتأخر مستحقاتهم بشكل متكرر على خلفية تأزم الأوضاع المالية المستمرة.
خير شاهد على الوضع المتردي ما ذكره الشيخ أيمن أبو الحسن إمام وخطيب جامع الخلفاء الراشدين ورئيس رابطة أهل الحديث في محافظة عدن والأمين العام لمؤسسة نداء للتنمية والدراسات في تصريحه لبرنامج التواصل مع علماء اليمن حيث قال:"الناس يعانون ومجرد مرورك على مكتب بريد في أي منطقة سترى بأم عينك جموع الناس تحت قيظ الشمس والحرارة المرتفعة ينتظرون والنساء يقفن بالطوابير، معاناة فظيعة، وحدث ذات يوم أن أوقفت السيارة ونزلت إلى بعض كبار السن يتحدثون وينتظرون أمام البريد وسألتهم هل جئتم على موعد محدد من المكتب؟ قالوا: لا يوجد موعد محدد لوصول إعاشتنا ونأتي كل يوم ننتظر من الصباح إلى الظهر وتمر الأيام ونحن على هذا الحال، قد تصل الإعاشة وقد لا تصل، ونعود من جديد للانتظار، إذن أليست حالة الناس مأساوية".
ـ الفئات الأكثر تضررا وإرهاقا من الحرب
وعلى وقع التساؤل الذي وضعة الشيخ أيمن نجد أن حالة الناس قد طالتها آثار الحرب الانقلابية وتفشت إلى أن وصلت اليد العاملة من الطبقة المعدمة في المصانع أو الموظف أو حارس مبنى، فجميعهم يبحثون عن عمل في المطاعم والمصانع ومحلات البيع والشراء وتجار الجملة وفي كل مكان ولا حياة لمن تنادي، لأن الأعمال أغلبها توقف كما يؤكد ذلك الشيخ أحمد بن أنيس عالم شرعي وإمام وخطيب في منطقة إنماء مسجد سعد ابن أبي وقاص: "حياة الناس الاقتصادية والمعيشية تأثرت بشكل بالغ وتدهورت حالة الناس المعيشية لاسيما أن أكثر المواطنين ليسوا موظفين أو أصحاب دخل مستمر وثابت إنما يقومون بأعمال خاصة يتكسبون من ورائها فتوقفت أعمالهم وانغلقت أبواب رزقهم وتقلصت دُخُولهم وضاعت مصالحهم وأعمالهم".
لقد تفشت البطالة بشكل كبير فتری حين تمر علی شوارع وأرصفة الطرقات مشاهد يقطر لها القلب وتدمع منها العين: خير فتية اليمن وكهولها متراصون في انتظار فرص العمل التي قد تأتي علی حين غفلة، لكنها لا تأتي لأن الميليشيات أغلقت فرص العمل فالشيخ علي عبد الرحيم باوزير يعمل إمام وخطيب مسجد العادل والأمين العام لمؤسسة العادل التنموية الخيرية يرى: "الوضع الاقتصادي في البلاد كلها وفي عدن خاصة وضع متردي جدا، بعد الحرب خرج الناس من أزمة كان لها تبعات مالية كبيرة جدا منهم من تهدمت منازلهم ومنهم من فقد أغراضه وأمواله بعضهم احترقت جراء القصف والآخر سرقت، كما أن حالة النزوح الكثيفة التي حدثت أرهقت الناس وسببت لهم أعباء كبيرة، وهناك جرحى ومرضى وهناك قتلى وشهداء".
ـ إذا عرف الداء وجدنا الدواء "كلها أدت إلى صعوبة الوضع المعيشي للمواطن"
مئات اليمنيين في محافظات مختلفة، يصطفون يوميا في طوابير طويلة لاستلام مرتباتهم التي وجب تقسيطها، فقلة الأعمال الشاغرة أرغمت الجميع من العمال والمتضررين إلى التحول نحو اقتصاد الحرب الذي أوصلت الناس إليه الجماعات المسلحة والميليشيات الانقلابية، وفي هذا السياق يضيف الشيخ أيمن أبو الحسن:"الناس مهجرة من بيوتها منقطعة عن أعمالها والبنوك مغلقة ومن كان ميسور الحال أصبح اليوم لا يمكن التفريق بينه وبين عموم الناس الذين يعيشون أوضاعا متردية، فالأوضاع غنية عن الشرح مأساوية... والرواتب منقطعة وأحوال المرضى المتوافدين متردية وهم بحاجة ماسة للعلاج، هذا غير جرحى الحرب والمقاومة وأسر الشهداء التي تحتاج إلى إعانات وكفالة مع غياب رب الأسرة".
إن كل الأوضاع في اليمن مترابطة حيث تفاقمت المشكلة مع استنزاف الحوثيون لما تبقى من موارد البلاد وتسخيرها للمجهود الحربي فيما يعيش ثلث سكان اليمن، البالغ عددهم 25 مليون نسمة، على أقل من دولارين في اليوم، فبحسب الشيخ علي باوزير إن :"الرواتب مقطوعة ولا تصل للناس في الوقت المناسب، الأسعار ترتفع بشكل كبير جدا تجاوز نسبة 30 % من الأسعار الطبيعية، والعملة تعاني من عجز، وأسعار الدولار مقابل الريال ترتفع وهذا كله يزيد من الأعباء المالية وصعوبة معيشة الناس، إضافة إلى المرحلة الراهنة تشهد توقفا ملحوظا لكثير من المؤسسات التجارية والمشاريع الاقتصادية وأصبح هناك بطالة وندرة في الأعمال، هذه كلها أدت إلى صعوبة الوضع المعيشي للمواطن".
ـ واقع الحرب في الأساس والمسؤولية متراكمة وقديمة
يستشف العلماء والدعاة أهمية القضية ودرجة تدهورها؛ لأنهم أكثر الناس قربا واختلاطا بالمواطنين من منظور مختلف ومختلط بالمسئولية الدينية والأخلاقية التي حثنا عليها الإسلام الحنيف، فبعد أن أنهت الحرب في اليمن اثني عشر شهرا، أصبح البلد الممزق يئن ومعه الفقراء والمعدمون، فيما يعتقد الشيخ أيمن أن الأسباب متراكمة ويبرزها بـ: "عوضا عن الحرب الانقلابية فهذا واقع الحروب في الأساس أما الوضع المعيشي فلاشك أن الناس كانوا من السابق يعانون الفقر والبطالة، والأسر كانت تبحث عن القوت، والتشرد منتشر والمسؤولية ليست لحظية، وأرى أنها مسؤولية متراكمة وقديمة من النظام السابق وأتت الحرب وأكملت ما تبقى".
إذن الاستقرار الأمني يؤثر في الاقتصاد وهو بدوره يؤثر في فرص العمل وهكذا حتى تصل الحلقة إلی أن تؤثر في وضع العامل والموظف والتاجر والطالب والمعلم وكل شرائح المجتمع بعد أن كان الشعب اليمني ينتظر تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليه من أغلب الفئات والذي كان سيطوي صفحة المخلوع ونظامه الفاسد ويفتح لليمنيين صفحة جديدة تلبي طموحاتهم عنوانها العيش الكريم والاستقرار الاقتصادي، لكن هذه الأوضاع حسب كلام الشيخ على باوزير:"مرتبطة بأسباب معينة إذا انتهت هذه الأسباب انتهت الأوضاع السيئة، فنحن الآن نعيش حالة حرب وإن تخلصت بعض المحافظات من الميليشيات وانتصرت عليها لكن الوضع مترابط للغاية بين المحافظات اليمنية التي ما زالت تشهد حالة احتراب مستمرة".
كما أن الشيخ علي يجد في انقسام البلاد إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية وأخرى لمليشيا الحوثيين المتمردة عائقا حقيقيا أمام تنقل المواطنين داخليا وخارجيا: "ليس هناك وسيلة للسفر، وهذا سبب مشكلة كبيرة فحركة التنقل هذه كانت تمثل متنفسا، وتخفف أعباء الناس لكن الآن أصبحت صعبة مثلا الذي يحتاج سفر عليه تكاليف باهظة".
ـ الإغاثة لا تفتح بيوتا ولا توفر دخلا
في اليمن لا تفقد العملة المحلية قيمتها إزاء أسعار الصرف العالمية، بل تتلاشى أوراقها في أعنف أزمة سيولة عرفها الاقتصاد اليمني الهش أصلا، و المتهاوي مؤخرا جراء ما يقرب العام من الانقلاب المتمرد على الشرعية ، وأزمة السيولة النقدية التي تعانيها المدن حملها مدير أحد بنوك السلطة في صنعاء بسبب عدم الدفع بالعملة المحلية إلى الأسواق؛ مما دفع العديد من البنوك إلى إعادة النقود التالفة للتداول في السوق المصرفية بدلا من إعدامها، والحل في اعتقاد الشيخ أحمد بن أنيس في:" إعادة النشاط الاقتصادي والبيع والشراء وتوفير فرص العمل من جديد على قدر المستطاع بما تحتاجه المرحلة".
فالعمل الإغاثي وفقا للشيخ أحمد قد تكفلت به دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مشكورة، فهي تسد رمق العيش للمحتاجين"، غير أنه ينظر لأبعد من ذلك فالإغاثة تختلف عن الاقتصاد المستمر "لكنها [الإغاثة] لا تفتح بيوتا ولا توفر دخلا مع أنها توزع لمستحقيها".
قد تبدو الأوضاع في عدن أفضل حالاً من تعز التي ترزح تحت نير الحرب والحصار ، وهي تعاني من حصار مالي جعل سكانها أشد بؤساً من قرينتها المحررة، لهذا يقول الشيخ علي باوزير في ختام تصريحه لبرنامج التواصل مع علماء اليمن إن :"الحل مرتبط بإنهاء الانقلاب وعودة الدولة والسلطة والحكومة، وبعد تنفيذ كل هذا ستعود الحياة إلى طبيعتها وهذا حسب المؤشرات لن يكون في الوقت القريب إلا أن يشاء الله وهو على كل شيء قدير".
إن عملية البناء التي تتطلبها مرحلة ما بعد الحرب، تقتضي وجود تمويل كبير تعهدت بتوفيره دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بإعمار اليمن وتأهيل اقتصاده ودعت إلى عقد مؤتمر دولي لإعمار اليمن بعد التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب، التي أحدثت أضراراً واسعة بالاقتصاد والبنية التحتية، في الوقت الذي قدّر فيه خبراء اقتصاد يمنيون الكلفة الأولية لإعادة الإعمار بنحو 10 مليارات دولار، والآن يبقى السؤال هل ستترك الميليشيات الانقلابية للشعب اليمني فرصة البناء أم ستعرقلها؟
دعاة وعلماء اليمن: المرحلة تحتاج إلى إعادة النشاط الاقتصادي والبيع والشراء وتوفير فرص العمل
على وقع التمرد والانقلاب الحوثي – العفاشي، يستمر الاحتراب الداخلي وتتزايد أعداد العاطلين عن العمل وتتضخم نسبة الفقر والبطالة؛ فالحرب تأكل الأخضر واليابس، هكذا يعيش الاقتصاد اليمني ومن تحته المواطن أحلك اللحظات وهو يقترب من الانهيار، في بلد يرزح أكثر من نصف قاطنيه تحت خط الفقر، فقد امتدت تداعيات الحرب في البلد إلى عرقلة عمل المؤسسات الكبيرة والصغيرة تجارية كانت أم تنموية، حيث أدى الانقلاب وما رافقه من توقف الاستثمار وغياب للكهرباء وندرة الوقود إلى قيام المؤسسات بخفض ساعات العمل، وتقليص عدد الموظفين ومرتباتهم ودمج وإغلاق بعض الفروع مما أثر على مستوی معيشة الأسر اليمنية، وأجبرت هذه الظروف العديد من المدن المحررة في مناطق عدة من البلاد إلى استغلال إيراداتها في دفع رواتب موظفيها، ورغم هذه الإجراءات إلا أن عددا كبيرا من الموظفين تتأخر مستحقاتهم بشكل متكرر على خلفية تأزم الأوضاع المالية المستمرة.
خير شاهد على الوضع المتردي ما ذكره الشيخ أيمن أبو الحسن إمام وخطيب جامع الخلفاء الراشدين ورئيس رابطة أهل الحديث في محافظة عدن والأمين العام لمؤسسة نداء للتنمية والدراسات في تصريحه لبرنامج التواصل مع علماء اليمن حيث قال:"الناس يعانون ومجرد مرورك على مكتب بريد في أي منطقة سترى بأم عينك جموع الناس تحت قيظ الشمس والحرارة المرتفعة ينتظرون والنساء يقفن بالطوابير، معاناة فظيعة، وحدث ذات يوم أن أوقفت السيارة ونزلت إلى بعض كبار السن يتحدثون وينتظرون أمام البريد وسألتهم هل جئتم على موعد محدد من المكتب؟ قالوا: لا يوجد موعد محدد لوصول إعاشتنا ونأتي كل يوم ننتظر من الصباح إلى الظهر وتمر الأيام ونحن على هذا الحال، قد تصل الإعاشة وقد لا تصل، ونعود من جديد للانتظار، إذن أليست حالة الناس مأساوية".
ـ الفئات الأكثر تضررا وإرهاقا من الحرب
وعلى وقع التساؤل الذي وضعة الشيخ أيمن نجد أن حالة الناس قد طالتها آثار الحرب الانقلابية وتفشت إلى أن وصلت اليد العاملة من الطبقة المعدمة في المصانع أو الموظف أو حارس مبنى، فجميعهم يبحثون عن عمل في المطاعم والمصانع ومحلات البيع والشراء وتجار الجملة وفي كل مكان ولا حياة لمن تنادي، لأن الأعمال أغلبها توقف كما يؤكد ذلك الشيخ أحمد بن أنيس عالم شرعي وإمام وخطيب في منطقة إنماء مسجد سعد ابن أبي وقاص: "حياة الناس الاقتصادية والمعيشية تأثرت بشكل بالغ وتدهورت حالة الناس المعيشية لاسيما أن أكثر المواطنين ليسوا موظفين أو أصحاب دخل مستمر وثابت إنما يقومون بأعمال خاصة يتكسبون من ورائها فتوقفت أعمالهم وانغلقت أبواب رزقهم وتقلصت دُخُولهم وضاعت مصالحهم وأعمالهم".
لقد تفشت البطالة بشكل كبير فتری حين تمر علی شوارع وأرصفة الطرقات مشاهد يقطر لها القلب وتدمع منها العين: خير فتية اليمن وكهولها متراصون في انتظار فرص العمل التي قد تأتي علی حين غفلة، لكنها لا تأتي لأن الميليشيات أغلقت فرص العمل فالشيخ علي عبد الرحيم باوزير يعمل إمام وخطيب مسجد العادل والأمين العام لمؤسسة العادل التنموية الخيرية يرى: "الوضع الاقتصادي في البلاد كلها وفي عدن خاصة وضع متردي جدا، بعد الحرب خرج الناس من أزمة كان لها تبعات مالية كبيرة جدا منهم من تهدمت منازلهم ومنهم من فقد أغراضه وأمواله بعضهم احترقت جراء القصف والآخر سرقت، كما أن حالة النزوح الكثيفة التي حدثت أرهقت الناس وسببت لهم أعباء كبيرة، وهناك جرحى ومرضى وهناك قتلى وشهداء".
ـ إذا عرف الداء وجدنا الدواء "كلها أدت إلى صعوبة الوضع المعيشي للمواطن"
مئات اليمنيين في محافظات مختلفة، يصطفون يوميا في طوابير طويلة لاستلام مرتباتهم التي وجب تقسيطها، فقلة الأعمال الشاغرة أرغمت الجميع من العمال والمتضررين إلى التحول نحو اقتصاد الحرب الذي أوصلت الناس إليه الجماعات المسلحة والميليشيات الانقلابية، وفي هذا السياق يضيف الشيخ أيمن أبو الحسن:"الناس مهجرة من بيوتها منقطعة عن أعمالها والبنوك مغلقة ومن كان ميسور الحال أصبح اليوم لا يمكن التفريق بينه وبين عموم الناس الذين يعيشون أوضاعا متردية، فالأوضاع غنية عن الشرح مأساوية... والرواتب منقطعة وأحوال المرضى المتوافدين متردية وهم بحاجة ماسة للعلاج، هذا غير جرحى الحرب والمقاومة وأسر الشهداء التي تحتاج إلى إعانات وكفالة مع غياب رب الأسرة".
إن كل الأوضاع في اليمن مترابطة حيث تفاقمت المشكلة مع استنزاف الحوثيون لما تبقى من موارد البلاد وتسخيرها للمجهود الحربي فيما يعيش ثلث سكان اليمن، البالغ عددهم 25 مليون نسمة، على أقل من دولارين في اليوم، فبحسب الشيخ علي باوزير إن :"الرواتب مقطوعة ولا تصل للناس في الوقت المناسب، الأسعار ترتفع بشكل كبير جدا تجاوز نسبة 30 % من الأسعار الطبيعية، والعملة تعاني من عجز، وأسعار الدولار مقابل الريال ترتفع وهذا كله يزيد من الأعباء المالية وصعوبة معيشة الناس، إضافة إلى المرحلة الراهنة تشهد توقفا ملحوظا لكثير من المؤسسات التجارية والمشاريع الاقتصادية وأصبح هناك بطالة وندرة في الأعمال، هذه كلها أدت إلى صعوبة الوضع المعيشي للمواطن".
ـ واقع الحرب في الأساس والمسؤولية متراكمة وقديمة
يستشف العلماء والدعاة أهمية القضية ودرجة تدهورها؛ لأنهم أكثر الناس قربا واختلاطا بالمواطنين من منظور مختلف ومختلط بالمسئولية الدينية والأخلاقية التي حثنا عليها الإسلام الحنيف، فبعد أن أنهت الحرب في اليمن اثني عشر شهرا، أصبح البلد الممزق يئن ومعه الفقراء والمعدمون، فيما يعتقد الشيخ أيمن أن الأسباب متراكمة ويبرزها بـ: "عوضا عن الحرب الانقلابية فهذا واقع الحروب في الأساس أما الوضع المعيشي فلاشك أن الناس كانوا من السابق يعانون الفقر والبطالة، والأسر كانت تبحث عن القوت، والتشرد منتشر والمسؤولية ليست لحظية، وأرى أنها مسؤولية متراكمة وقديمة من النظام السابق وأتت الحرب وأكملت ما تبقى".
إذن الاستقرار الأمني يؤثر في الاقتصاد وهو بدوره يؤثر في فرص العمل وهكذا حتى تصل الحلقة إلی أن تؤثر في وضع العامل والموظف والتاجر والطالب والمعلم وكل شرائح المجتمع بعد أن كان الشعب اليمني ينتظر تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليه من أغلب الفئات والذي كان سيطوي صفحة المخلوع ونظامه الفاسد ويفتح لليمنيين صفحة جديدة تلبي طموحاتهم عنوانها العيش الكريم والاستقرار الاقتصادي، لكن هذه الأوضاع حسب كلام الشيخ على باوزير:"مرتبطة بأسباب معينة إذا انتهت هذه الأسباب انتهت الأوضاع السيئة، فنحن الآن نعيش حالة حرب وإن تخلصت بعض المحافظات من الميليشيات وانتصرت عليها لكن الوضع مترابط للغاية بين المحافظات اليمنية التي ما زالت تشهد حالة احتراب مستمرة".
كما أن الشيخ علي يجد في انقسام البلاد إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية وأخرى لمليشيا الحوثيين المتمردة عائقا حقيقيا أمام تنقل المواطنين داخليا وخارجيا: "ليس هناك وسيلة للسفر، وهذا سبب مشكلة كبيرة فحركة التنقل هذه كانت تمثل متنفسا، وتخفف أعباء الناس لكن الآن أصبحت صعبة مثلا الذي يحتاج سفر عليه تكاليف باهظة".
ـ الإغاثة لا تفتح بيوتا ولا توفر دخلا
في اليمن لا تفقد العملة المحلية قيمتها إزاء أسعار الصرف العالمية، بل تتلاشى أوراقها في أعنف أزمة سيولة عرفها الاقتصاد اليمني الهش أصلا، و المتهاوي مؤخرا جراء ما يقرب العام من الانقلاب المتمرد على الشرعية ، وأزمة السيولة النقدية التي تعانيها المدن حملها مدير أحد بنوك السلطة في صنعاء بسبب عدم الدفع بالعملة المحلية إلى الأسواق؛ مما دفع العديد من البنوك إلى إعادة النقود التالفة للتداول في السوق المصرفية بدلا من إعدامها، والحل في اعتقاد الشيخ أحمد بن أنيس في:" إعادة النشاط الاقتصادي والبيع والشراء وتوفير فرص العمل من جديد على قدر المستطاع بما تحتاجه المرحلة".
فالعمل الإغاثي وفقا للشيخ أحمد قد تكفلت به دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مشكورة، فهي تسد رمق العيش للمحتاجين"، غير أنه ينظر لأبعد من ذلك فالإغاثة تختلف عن الاقتصاد المستمر "لكنها [الإغاثة] لا تفتح بيوتا ولا توفر دخلا مع أنها توزع لمستحقيها".
قد تبدو الأوضاع في عدن أفضل حالاً من تعز التي ترزح تحت نير الحرب والحصار ، وهي تعاني من حصار مالي جعل سكانها أشد بؤساً من قرينتها المحررة، لهذا يقول الشيخ علي باوزير في ختام تصريحه لبرنامج التواصل مع علماء اليمن إن :"الحل مرتبط بإنهاء الانقلاب وعودة الدولة والسلطة والحكومة، وبعد تنفيذ كل هذا ستعود الحياة إلى طبيعتها وهذا حسب المؤشرات لن يكون في الوقت القريب إلا أن يشاء الله وهو على كل شيء قدير".
إن عملية البناء التي تتطلبها مرحلة ما بعد الحرب، تقتضي وجود تمويل كبير تعهدت بتوفيره دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بإعمار اليمن وتأهيل اقتصاده ودعت إلى عقد مؤتمر دولي لإعمار اليمن بعد التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب، التي أحدثت أضراراً واسعة بالاقتصاد والبنية التحتية، في الوقت الذي قدّر فيه خبراء اقتصاد يمنيون الكلفة الأولية لإعادة الإعمار بنحو 10 مليارات دولار، والآن يبقى السؤال هل ستترك الميليشيات الانقلابية للشعب اليمني فرصة البناء أم ستعرقلها؟