علماء ودعاة يتحدثون عن صراع الشباب مع التغريب: لا فجوة بين قيم الإسلام والحياة العصرية فيما الشباب يعاني واقعا مؤلما
منذ الكلمة الأولى في هذا الاستطلاع المتسلسل على عدة حلقات، يجب التأكيد أن الإسلام اعتنى بالإنسان ووضع منهجا تربويا يهدف إلى تزكية النفس وتطهيرها، وغاية هذه التربية استخلاص قيم الإسلام في مجال السلوك الإنساني في كل زمان ومكان، غير أن الحياة المعاصرة بكل تقنياتها وأبعادها العالمية شهدت تحولات كبيرة ومذهلة، بدا أنها تستهدف بالدرجة الأولى الشباب المعاصر من الجنسين، وتركت بعضهم في مواجهة حالة من التصدع الأخلاقي والوجداني، ونحن هنا نناقش الاستهداف الواضح والصريح والمستمر الذي تشنه أدوات العالم الغربي بهدف خلق حالة اضطراب قيمي تصنع فجوة في حياة بعض الشباب اليمني وتدفع بعض الشباب للتخلي عن القيم الإسلامية ومحاصرتهم أو تشتيتهم ما بين قيمهم الإسلامية والحياة العصرية الغربية.
فالمشكلة التي نعاني منها باستمرار ليست أزمة قيم وتصور لها ومعرفة بها وبأهميتها، لأن القيم بذاتها محفوظة في الكتاب والسنة، وإنما الأزمة في الحقيقة أزمة وعي هش منهزم فمن مراقبتنا للحالة اليمنية العامة تساءلنا ما العلاقة بين الشباب والحياة العصرية.. هل يوجد نوع من الاغتراب، وهل فعلا أصبح لدى بعض الشباب صدام بين القيم الإسلامية والحياة العصرية، أم أن المسألة أخرى ولا تتعلق بحالة صدام قيمي أخلاقي عصري بقدر ما هي حالات شاذة تأثرت بالأنماط الغربية لمجرد الهشاشة التي يعانون منها، وإذا كان ذلك قد حدث فما درجته وحجم التأثير بين الشباب، وما الأسباب الموضوعية وأين دور العلماء في إسناد ذلك الشاب للحفاظ على وعيه صلبا أمام المغريات، أمام هذه التحديات انبرى برنامج التواصل مع علماء اليمن وأخذ على عاتقة مسؤولية جلاء وكشف القضية بين نخبة من العلماء والباحثين في الفكر الإسلامي الشباب على عدة حلقات استطلاعية نقاشية نبدأها من فهم الواقع كما هو للوصول الى الأهداف التي في سبيلها قام برنامج التواصل مع علماء اليمن بهذه السلسة وعلى رأسها كشف حقيقة الفجوة ومداها وتوعية الشباب بمخاطرها وخلق وعي لديهم لتجنب الوقوع في الضياع القيمي والتخلي عن الهوية والقيم الأصيلة للحضارة الإسلامية، كما نهدف إلى إشراك العلماء في نقاش جاد وموضوعي حول قضايا الشباب وتقريب وجهات النظر بين الجميع وربط علاقات ثقة تكون سندا للشباب في العودة للعلماء لحظة تشتت يحتاجون فيها لمن يثقون به وبرأيه.. فهل فعلاً تلك الفجوة موجودة وما طبيعتها وكيف تشكلت؟
ـ فجوة وهمية مصطنعة تركت الشباب في حالة تخبط
ألقينا هذه التساؤلات بين يدي العلماء الذين لهم صلات مستمرة ومباشرة مع الشباب اليمني، فمنهم المعلم ومنهم المحاضر الجامعي، لهذا تعددت الآراء في سبيل الإجابة عن تلك التساؤلات فبعض العلماء نفى وجود الفجوة في حياة الشباب اليمني وأوجد صيغة أخرى للقضية. حيث كان لقاؤنا الأول مع الشيخ والأستاذ عبد الحق قائد سعيد الشجاع مدرس تفسير القرآن الكريم وعلومه في جامعة الإيمان، وهو موجه مادة القرآن الكريم في إدارة التربية والتعليم محافظة عدن وخطيب مسجد الأنصار، فقال: "أرى أن لا فجوة حقيقية بين القيم الإسلامية لدى الشباب اليمني وبين الحياة العصرية"، وهكذا يبدأ الشيخ بالنفي القطعي لوجودها لكنه أيضا وفق توصيفه يجدها "فجوة مصطنعة وهمية استطاعت كثير من الوسائل الإعلامية والأدوات التغريبية للمجتمعات الإسلامية أن توهم الشباب بأن القيم لا تتناسب مع العصر، مما رسخ اعتقاداً لدى بعض الشباب أن هذه القيم لا تتناسب مع عصره وهويته وبات يتخبط في ذلك ما بين التقليد للغرب والحفاظ على الثقافة والقيم الإسلامية".
ـ ثقة الشباب بنفسه كرأي مخالف فلا فجوات:
الشيخ عبدالحق كان واضحا في بيان طبيعة القضية فلا فجوة حقيقية بين قيم الإسلام والحياة العصرية؛ لأن القيم تعتبر خاصة من خصائص المجتمع الإسلامي اليمني، وهي تشتق أهميتها ووظائفها من طبيعة وجود الشاب أو الفتاة في المجتمع وتعبر عن ضميره ووجدانه. وهناك وجهة نظر أخرى يبديها الباحث الشاب في الفكر الإسلامي الأستاذ عمر دوكم إمام وخطيب مسجد العيسائي في مدينة تعز شارع جمال، حيث يقول: "لا أجد أي فجوة بين الشباب اليمني في مجتمعهم و(قيم عصرهم)؛ ولا أرى - من وجهة نظري على الأقل ـ أي تخبط للشباب أو اغتراب"، ويضيف: "ربما في مجتمعات أخرى غير مجتمعنا اليمني تجد مفاهيم مثل الاغتراب والتيه عن الهوية قد صارت ظواهر مقلقة وتعاني منها تلكم المجتمعات، لكنني أعتقد أنه في مجتمعنا وإن وجدت مثل هذه الحالات فإنها لا تصل لأن تشكل ظاهرة"، ونحن نتفق مع الأستاذ دوكم أنها لم تتحول إلى أن تصير ظاهرة منتشرة ومقلقة بين أوساط الشباب عامة لكنها موجودة بنسب متفاوتة من منطقة إلى أخرى في اليمن.
ـ الشباب يعاني من واقع أليم اقتصاديا وسياسيا واجتماعياً
الدكتور عارف أنور نور محمد، دكتوراه في الفقه وأصول الفقه ومحاضر في كلية التربية جامعة عدن وإمام وخطيب مسجد أبي بكر الصديق في المنصورة، يرى: "أن الشباب يعانون اليوم من أمور كثيرة خصوصا في معترك الحياة التي وجدوا أنفسهم فيها وانصدموا مما يعانوه من واقع أليم سواء كان اقتصاديا أو سياسيا أو مجتمعيا في البيئة التي يعيش فيها".
ويبتعد الدكتور عن لغة التعميم، فيرى أن الشباب فئتان، الأولى "شباب عرفوا أهدافهم في هذه الحياة وعرفوا أن لكل إنسان في وجوده وتواجده على الأرض هدف يريد تحقيقه وهو الإنسان الناجح الذي يمكنه الوصول لمبتغاة "، أما الثانية " فهي فئة لا تدري ما الهدف الأساس من وجودها في الحياة وتتغافل عن الأهداف".
ـ شباب كالأعمدة الصلبة لا تغريهم المعتركات لهذا يعيشون النجاح
وهكذا نجد أنفسنا مع تقسيم الدكتور بين خيارين لا ثالث لهما، ولكي نختار من نكون وأين نقع وهو خيار لا يريد من الشاب أي مغالطات بل وقفة جادة مع النفس، قلنا لكي نختار لابد من فهم طبيعة كل مجموعة، وفق الدكتور عارف فإن الفئة الأولى: "هي من تعلم أن الله سبحانه وتعالى ما خلق الخلق إلا لعبادته قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )، فئة علمت أنها خلقت لعبادة الله وان أساس وجودها في الحياة لتحقيق العبودية المطلقة لله تعالى؛ لذلك تجد هؤلاء الشباب مثل النخلة أصلها ثابت وفرعها في السماء لا يمكن أن تغيرهم المعتركات السياسية أو الاقتصادية أو التغريب الذي يواجهه العالم الإسلامي لأنهم يعلمون حقيقة المكائد التي تكيدها الدول الكبرى تجاه الإسلام والمسلمين، هؤلاء الشباب أعمدة صلبة يمكن أن يستند عليهم في مجتمعاتنا الإسلامي اليمني، ونجدهم يعيشون نجاحا في حياتهم في دراساتهم وأعمالهم وفي جميع متطلبات الحياة؛ لأنهم عرفوا لأنفسهم هدفا ومضوا إليه متوكلين على الله سبحانه وتعالى".
ـ ثمة شباب يعيشون في غفلة:
ثم يتحدث الدكتور عارف عن الفئة الثانية: "المشكلة والمصيبة والطامة الكبرى هم الفئة الثانية التي تتغاضى عما يمليه عليها دينها وقيمها، وتضعف أمام معتركات الحياة، فهذا الشاب يمشي خلف كل ناعق، خلف الأبواق التي لا يدري حقيقة أمرها إلا إذا وقع في مهالك تلك الأبواق للأسف الشديد". وهم في نظر الدكتور فئة "من الشباب تعيش غفلة الوجود في الحياة والأساس الذي لأجله خلقت ووجدت في الدنيا فتجد بالفعل فجوة كبيرة وهوة بين ما يمليه عليه دينه وضميره وقيمه وأخلاقه، وبين ما يصطدم به في المجتمع، مجموعة لا ترى إلا أن تضيع وقتها في غير منفعة لنفسها ولا لأهلها ولا لذويهم ولا حتى لمجتمعاتهم، للأسف الشديد يعيشون فجوة كبيرة بين أنفسهم وبين المجتمعات التي يعيشون فيها".
ـ الغرب ومعركة تغريب الشباب
يرى الدكتور عارف :"أن الصراع الذي يعيشه كل الشباب اليوم هو صراع بين قيم الدين الإسلامي والمبادئ والضمائر الحية الموجودة التي فطر عليها وبين التغريب الذي فرض على مجتمعهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قالها من قبل (كل مولود يولد على الفطرة ..)".
ويضيف الدكتور عارف: "الغرب يعمل ليل نهار لأجل تغريب شبابنا وفتياتنا عما هم عليه من دين وتمسك وقيم وأخلاق، حتى يتأقلمون مع العولمة التي يريدها الغرب. ولكن ذلك بعيد عليهم {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، فالله تعالى كتب الخير لهذه الأمة وما زالت موجودة حتى لو حصل من قلة من الشباب والفتيات بعداً أو انتكاسة فسرعان ما يعودون إلى نور الله تعالى.
بعد أن اتضحت الرؤية أكثر وبتنا في وعي للحالة التي يعيشها بعض الشباب اليمني خصوصا والعربي عامة ننتظر استمرار النقاش في الحلقة القادمة لبيان الأسباب وآثار ذلك الاستهداف.
علماء ودعاة يتحدثون عن صراع الشباب مع التغريب: لا فجوة بين قيم الإسلام والحياة العصرية فيما الشباب يعاني واقعا مؤلما
منذ الكلمة الأولى في هذا الاستطلاع المتسلسل على عدة حلقات، يجب التأكيد أن الإسلام اعتنى بالإنسان ووضع منهجا تربويا يهدف إلى تزكية النفس وتطهيرها، وغاية هذه التربية استخلاص قيم الإسلام في مجال السلوك الإنساني في كل زمان ومكان، غير أن الحياة المعاصرة بكل تقنياتها وأبعادها العالمية شهدت تحولات كبيرة ومذهلة، بدا أنها تستهدف بالدرجة الأولى الشباب المعاصر من الجنسين، وتركت بعضهم في مواجهة حالة من التصدع الأخلاقي والوجداني، ونحن هنا نناقش الاستهداف الواضح والصريح والمستمر الذي تشنه أدوات العالم الغربي بهدف خلق حالة اضطراب قيمي تصنع فجوة في حياة بعض الشباب اليمني وتدفع بعض الشباب للتخلي عن القيم الإسلامية ومحاصرتهم أو تشتيتهم ما بين قيمهم الإسلامية والحياة العصرية الغربية.
فالمشكلة التي نعاني منها باستمرار ليست أزمة قيم وتصور لها ومعرفة بها وبأهميتها، لأن القيم بذاتها محفوظة في الكتاب والسنة، وإنما الأزمة في الحقيقة أزمة وعي هش منهزم فمن مراقبتنا للحالة اليمنية العامة تساءلنا ما العلاقة بين الشباب والحياة العصرية.. هل يوجد نوع من الاغتراب، وهل فعلا أصبح لدى بعض الشباب صدام بين القيم الإسلامية والحياة العصرية، أم أن المسألة أخرى ولا تتعلق بحالة صدام قيمي أخلاقي عصري بقدر ما هي حالات شاذة تأثرت بالأنماط الغربية لمجرد الهشاشة التي يعانون منها، وإذا كان ذلك قد حدث فما درجته وحجم التأثير بين الشباب، وما الأسباب الموضوعية وأين دور العلماء في إسناد ذلك الشاب للحفاظ على وعيه صلبا أمام المغريات، أمام هذه التحديات انبرى برنامج التواصل مع علماء اليمن وأخذ على عاتقة مسؤولية جلاء وكشف القضية بين نخبة من العلماء والباحثين في الفكر الإسلامي الشباب على عدة حلقات استطلاعية نقاشية نبدأها من فهم الواقع كما هو للوصول الى الأهداف التي في سبيلها قام برنامج التواصل مع علماء اليمن بهذه السلسة وعلى رأسها كشف حقيقة الفجوة ومداها وتوعية الشباب بمخاطرها وخلق وعي لديهم لتجنب الوقوع في الضياع القيمي والتخلي عن الهوية والقيم الأصيلة للحضارة الإسلامية، كما نهدف إلى إشراك العلماء في نقاش جاد وموضوعي حول قضايا الشباب وتقريب وجهات النظر بين الجميع وربط علاقات ثقة تكون سندا للشباب في العودة للعلماء لحظة تشتت يحتاجون فيها لمن يثقون به وبرأيه.. فهل فعلاً تلك الفجوة موجودة وما طبيعتها وكيف تشكلت؟
ـ فجوة وهمية مصطنعة تركت الشباب في حالة تخبط
ألقينا هذه التساؤلات بين يدي العلماء الذين لهم صلات مستمرة ومباشرة مع الشباب اليمني، فمنهم المعلم ومنهم المحاضر الجامعي، لهذا تعددت الآراء في سبيل الإجابة عن تلك التساؤلات فبعض العلماء نفى وجود الفجوة في حياة الشباب اليمني وأوجد صيغة أخرى للقضية. حيث كان لقاؤنا الأول مع الشيخ والأستاذ عبد الحق قائد سعيد الشجاع مدرس تفسير القرآن الكريم وعلومه في جامعة الإيمان، وهو موجه مادة القرآن الكريم في إدارة التربية والتعليم محافظة عدن وخطيب مسجد الأنصار، فقال: "أرى أن لا فجوة حقيقية بين القيم الإسلامية لدى الشباب اليمني وبين الحياة العصرية"، وهكذا يبدأ الشيخ بالنفي القطعي لوجودها لكنه أيضا وفق توصيفه يجدها "فجوة مصطنعة وهمية استطاعت كثير من الوسائل الإعلامية والأدوات التغريبية للمجتمعات الإسلامية أن توهم الشباب بأن القيم لا تتناسب مع العصر، مما رسخ اعتقاداً لدى بعض الشباب أن هذه القيم لا تتناسب مع عصره وهويته وبات يتخبط في ذلك ما بين التقليد للغرب والحفاظ على الثقافة والقيم الإسلامية".
ـ ثقة الشباب بنفسه كرأي مخالف فلا فجوات:
الشيخ عبدالحق كان واضحا في بيان طبيعة القضية فلا فجوة حقيقية بين قيم الإسلام والحياة العصرية؛ لأن القيم تعتبر خاصة من خصائص المجتمع الإسلامي اليمني، وهي تشتق أهميتها ووظائفها من طبيعة وجود الشاب أو الفتاة في المجتمع وتعبر عن ضميره ووجدانه. وهناك وجهة نظر أخرى يبديها الباحث الشاب في الفكر الإسلامي الأستاذ عمر دوكم إمام وخطيب مسجد العيسائي في مدينة تعز شارع جمال، حيث يقول: "لا أجد أي فجوة بين الشباب اليمني في مجتمعهم و(قيم عصرهم)؛ ولا أرى - من وجهة نظري على الأقل ـ أي تخبط للشباب أو اغتراب"، ويضيف: "ربما في مجتمعات أخرى غير مجتمعنا اليمني تجد مفاهيم مثل الاغتراب والتيه عن الهوية قد صارت ظواهر مقلقة وتعاني منها تلكم المجتمعات، لكنني أعتقد أنه في مجتمعنا وإن وجدت مثل هذه الحالات فإنها لا تصل لأن تشكل ظاهرة"، ونحن نتفق مع الأستاذ دوكم أنها لم تتحول إلى أن تصير ظاهرة منتشرة ومقلقة بين أوساط الشباب عامة لكنها موجودة بنسب متفاوتة من منطقة إلى أخرى في اليمن.
ـ الشباب يعاني من واقع أليم اقتصاديا وسياسيا واجتماعياً
الدكتور عارف أنور نور محمد، دكتوراه في الفقه وأصول الفقه ومحاضر في كلية التربية جامعة عدن وإمام وخطيب مسجد أبي بكر الصديق في المنصورة، يرى: "أن الشباب يعانون اليوم من أمور كثيرة خصوصا في معترك الحياة التي وجدوا أنفسهم فيها وانصدموا مما يعانوه من واقع أليم سواء كان اقتصاديا أو سياسيا أو مجتمعيا في البيئة التي يعيش فيها".
ويبتعد الدكتور عن لغة التعميم، فيرى أن الشباب فئتان، الأولى "شباب عرفوا أهدافهم في هذه الحياة وعرفوا أن لكل إنسان في وجوده وتواجده على الأرض هدف يريد تحقيقه وهو الإنسان الناجح الذي يمكنه الوصول لمبتغاة "، أما الثانية " فهي فئة لا تدري ما الهدف الأساس من وجودها في الحياة وتتغافل عن الأهداف".
ـ شباب كالأعمدة الصلبة لا تغريهم المعتركات لهذا يعيشون النجاح
وهكذا نجد أنفسنا مع تقسيم الدكتور بين خيارين لا ثالث لهما، ولكي نختار من نكون وأين نقع وهو خيار لا يريد من الشاب أي مغالطات بل وقفة جادة مع النفس، قلنا لكي نختار لابد من فهم طبيعة كل مجموعة، وفق الدكتور عارف فإن الفئة الأولى: "هي من تعلم أن الله سبحانه وتعالى ما خلق الخلق إلا لعبادته قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )، فئة علمت أنها خلقت لعبادة الله وان أساس وجودها في الحياة لتحقيق العبودية المطلقة لله تعالى؛ لذلك تجد هؤلاء الشباب مثل النخلة أصلها ثابت وفرعها في السماء لا يمكن أن تغيرهم المعتركات السياسية أو الاقتصادية أو التغريب الذي يواجهه العالم الإسلامي لأنهم يعلمون حقيقة المكائد التي تكيدها الدول الكبرى تجاه الإسلام والمسلمين، هؤلاء الشباب أعمدة صلبة يمكن أن يستند عليهم في مجتمعاتنا الإسلامي اليمني، ونجدهم يعيشون نجاحا في حياتهم في دراساتهم وأعمالهم وفي جميع متطلبات الحياة؛ لأنهم عرفوا لأنفسهم هدفا ومضوا إليه متوكلين على الله سبحانه وتعالى".
ـ ثمة شباب يعيشون في غفلة:
ثم يتحدث الدكتور عارف عن الفئة الثانية: "المشكلة والمصيبة والطامة الكبرى هم الفئة الثانية التي تتغاضى عما يمليه عليها دينها وقيمها، وتضعف أمام معتركات الحياة، فهذا الشاب يمشي خلف كل ناعق، خلف الأبواق التي لا يدري حقيقة أمرها إلا إذا وقع في مهالك تلك الأبواق للأسف الشديد". وهم في نظر الدكتور فئة "من الشباب تعيش غفلة الوجود في الحياة والأساس الذي لأجله خلقت ووجدت في الدنيا فتجد بالفعل فجوة كبيرة وهوة بين ما يمليه عليه دينه وضميره وقيمه وأخلاقه، وبين ما يصطدم به في المجتمع، مجموعة لا ترى إلا أن تضيع وقتها في غير منفعة لنفسها ولا لأهلها ولا لذويهم ولا حتى لمجتمعاتهم، للأسف الشديد يعيشون فجوة كبيرة بين أنفسهم وبين المجتمعات التي يعيشون فيها".
ـ الغرب ومعركة تغريب الشباب
يرى الدكتور عارف :"أن الصراع الذي يعيشه كل الشباب اليوم هو صراع بين قيم الدين الإسلامي والمبادئ والضمائر الحية الموجودة التي فطر عليها وبين التغريب الذي فرض على مجتمعهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قالها من قبل (كل مولود يولد على الفطرة ..)".
ويضيف الدكتور عارف: "الغرب يعمل ليل نهار لأجل تغريب شبابنا وفتياتنا عما هم عليه من دين وتمسك وقيم وأخلاق، حتى يتأقلمون مع العولمة التي يريدها الغرب. ولكن ذلك بعيد عليهم {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، فالله تعالى كتب الخير لهذه الأمة وما زالت موجودة حتى لو حصل من قلة من الشباب والفتيات بعداً أو انتكاسة فسرعان ما يعودون إلى نور الله تعالى.
بعد أن اتضحت الرؤية أكثر وبتنا في وعي للحالة التي يعيشها بعض الشباب اليمني خصوصا والعربي عامة ننتظر استمرار النقاش في الحلقة القادمة لبيان الأسباب وآثار ذلك الاستهداف.