جديد الموقع

الرئيسية

أخبار وتقارير واستطلاعات

ضوابط الفتوى وشروط المفتي

ضوابط الفتوى وشروط المفتي

تاريخ النشر: الجمعة, 18 مارس 2016 - 19:22 مساءً | عدد المشاهدات: 1,805

متابعات: عبد الرحمن الجلبين

تحدث الشيخ أحمد المعلم نائب رئيس هيئة علماء اليمن رئيس جمعية الحكمة في برنامج مع علماء اليمن الذي يبث الساعة الثامنة من مساء كل خميس في قناة اليمن الفضائية عن الفتوى ضوابطها وشروطها وحاجة الناس إليها وخطورة التصدي لها وممن يجب أن يأخذ الناس فتواهم .

وقال: الفتوى عرفت بأكثر من تعريف: ومن أفضل التعريفات ما صدر عن مجمع الفقه الاسلامي والذي عرف الفتوى: "بأنها تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأله"، والمفتي يبدي الحكم الشرعي سواء كان متعلقا بأمر الدين أو الدنيا، والمفتي هو العالم بالأحكام الشرعية وبالقضايا والأحداث والذي رزق من العلم والقدرة على استنباط الاحكام الشرعية، ويجب أن يكون لديه علم بالشرع والسنة والكتاب والبلاغة وما يجعله يفهم كتاب الله الفهم الصحيح، وأن يكون مدركا لما يتحدث عنه ولما يفتي فيه ويجب أن يفتي أهل الاختصاص في المجالات التي لا يعرفها، وبعد عرضها على المختصين يجب عليه أن ينظر إلى الأمر الذي فيه أمر الله لتصبح الفتوى واضحة.

وعن حاجة الناس إلى الفتوى، قال: الفتوى من أهم الوظائف والله سبحانه وتعالى أفتى والرسول هو سيد المفتين وهي وظيفته صلى الله عليه وسلم، والمفتي خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب ووارثه، وهو القائم بوظيفة النبي صلى الله عليه وسلم، وحاجة الناس إليه كبيرة، وليس كل الناس يعرفون ما الذي يجب عليهم أن يفعلوه أو ما ينبغي لهم عمله، ولذلك رد الله الناس جميعاً الى المفتين وأهل العلم وقال الله عز وجل {وأسالوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون}، ومعلوم ليس كل أحد يعلم كل شيء، والله وجه الأمة العودة إلى هذا المفتي، وليس شرطا أن يكون فلان أو علان أو الجهة الفلانية، ولكن الله وجه الناس إلى العودة إلى أشخاص محددين يجب العودة إليهم عندما يلتبس عليهم أمر.

وعن خطورة التصدي للإفتاء يقول: ذكر الإمام النووي رحمه الله تعالى الإفتاء وقال: "أعلم أن الإفتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل لأن المفتي وارث الانبياء وقائم بفرض الكفاية لكنه معرض للخطأ"، ولذا قالو أن المفتي مُوَقّعٌ عن الله وهو كالواسطة بين الله وخلقه في بيان أحكام الله ورسله، وبمقدار الأهمية والرقي الذي جعلت لأهل العلم فكذلك تعرضهم للخطر، وتجعلهم على مسؤولية عظيمة لأنهم يستأمنون على أعراض الناس، وعلى دماء الناس، فبفتوى تباح الدماء وبفتوى يباح الظلم ويمنع ويأخذ من الناس مما لديهم وقد يمنعون مما هو حق لهم، وهذا كله بكلمة من هذا المفتي وبالتالي يترتب علي الفتوى إما الهداية وإما الضلال، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللَّهَ لا يَنْزِعُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا مِنَ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالا ، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا "

وأضاف أن المفتي لا يدعي أنه مفوض عن الله ولا يدعي أنه موقع عن الله، إنما هو مكلف أن يقوم بهذه الوظيفة، وكان الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح يتدافعون الفتوى، ولا يحبون أن يكون أحدهم مشتهرا بالفتوى ولا أن يكون هو المرجع إليه فيها وكانوا يدرؤونها عن أنفسهم، والمفتي الحق هو صاحب ورع وتواضع ومعرفة بنفسه ومحتقر لنفسه أمام المهمة العظيمة التي يراد بأن يقوم بها ولذلك هو دائما على خوف ووجل وبعيد عن الدعاوي ولهذا كلماته لا يجزم بها إنها شرع الله وحكم الله إلا ما كان هناك نص صحيح صريح فيقرأ الآية ويقول هذا كلام الله أو يقرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح ويقول هذا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أما ما كان من باب الاجتهاد فيقول هذا اجتهادي في حكم الله، والإمام مالك جاءه رجل من مصر أو من المغرب بأربعين مسألة فلم يرد عليه إلا في مسألتين أو ثلاث فقال يا أبا عبدالله أرجع فماذا أقول للناس قال: قل لهم أن مالك لا يعلم.

كما أشار أنه يجب أن يأخذ الناس فتواهم من أناس معروفين بالفتوى لهم باع طويل فيه فقال: يقول ابن سيرين "إن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم" ولذلك على الإنسان أن يتحرى لدينه كما يتحرى لأمر دنياه وواجب على المستفتي أن يجتهد في اختيار من يأخذ عنه العلم ومن يسأل ومن يستفتي، وهنا قصور كبير وضعف بالاهتمام بأمر الدين، والإنسان إذا عرضت عليه مشكلة، فتجده يسأل من في المجلس والخطيب والإمام وهؤلاء ليسوا مؤهلين للفتوى وعلى المستفتي أن ينظر إلى أفضل من يسأل وعليه أن يبحث عن العالم الذي له معرفة بالدين والكتاب والسنة وبأوجه الدلالات وبأقوال أهل العلم وأن يكون تقياً مستقيماً ليس متشددا ويجب على من ظهرت له مسألة أو حاجة لأمر دينه أن يأخذها من العلماء الأتقياء الزهاد المستقيمين الذين ليسوا من المتشددين ولا من الذين يحملون الناس مالا يطيقون أو ممن ينفرون الناس عن الخير ولا من المتساهلين المتتبعين للرخص الذين يسيرون خلف الأقوال الشاذة، وفي كل أهل بلد هناك علماء معروفون ويعرفهم الجميع وعلى الناس أن يقصدوهم في فتواهم، والمفتي هو من يقذف الله في قلبه نورا وعلما وبصيرة ويجعل نفسه نفساً فقيهة ذا بصيرة قوية، وعلى الإنسان أن يتحرى في هذا النوع، ولا يغتر بالمظاهر ولا يمكن لمن يلبس لباس العلماء أن يكون عالماً ولا من يتكلم ويكثر من الكلام أن يكون مفتياً، وليس بالضرورة من ألف كتابا أن  يفتى وليس بالضرورة من خطب وأبلغ في الخطابة أن يكون قادراً على الفتوى وليس من هو حافظ للقرآن أن يكون قادراً على الفتوى ولا من يعلم بالحديث، ولكل طريقه.

وعن ما إذا كانت الفتوى لها علاقة بحياة الناس وتضبط أمورهم فقال: إن كان القانون مأخوذا من كتاب الله ومن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام فالغالب أن الفتوى مؤيدة ومطمئنة للسائل بأن هذا القانون صحيح، وخاصة بعد هذه الفترات الطويلة مع قضايا العلمنة وقضايا فصل الدين عن الدولة، فالبعض يأخذ به والبعض يتغاضى عنه، فإذا جاءت فتوى العالم فإنه يعطي الناس ارتياحا وطمأنينة لأخذه والعمل به.

كما تحدث عن الفتاوى التي بموجبها يتم تكفير الخصوم السياسيين وإباحة دمائهم فقال: الأصل أن التفكير والتفسيق والتبديع هي أحكام شرعية ويجب أن تؤخذ من كتاب الله ورسوله، فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله، ولا يبدع إلا من افتعل وابتدع خلاف  ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولا يفسق إلا من أتى بذنب ومعصية تخرجه من العدالة والفسق، وقضية الغلو موجودة ومعروفة منذ صدر الاسلام، حينما خرج الخوارج الأولون على عثمان وحكموا بكفره ووجوب تنازله وخلعه عن الخلافة ثم توالى الغلو بأشكال مختلفة: غلو الرافضة وغلو الخوارج، وهنا يغلو بعض الناس ويتعصبون لرأي معين ويضخمونه، ثم يحاكمون الناس إلى هذا الرأي الذي هم وضعوه، فمن وافقهم على ما وضعوا فهو المسلم والمؤمن والتقي ومن خالفهم فهو إما كافر أو مبتدع أو ضال أو فاسق ... وهذا خروج عن منهج الله عز وجل وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من تكفير المسلم وقال {من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما}، والأمر خطير والخوض في هذه المسائل شديد وخطير للغاية ويجب أن يضبط، ويجب البحث عن الأسباب التي تجعل بعضهم يكفر الناس، وهناك عدة عوامل منها السياسية والخارجية التي تندس بين المسلمين لتعمل على تفكيكهم وتفريقهم وإلقاء العداوة والبغضاء فيما بينهم، وهذا معروف، فعله اليهود في زمن الرسول وفعله المنافقون وفعله كل أعداء الاسلام ولهذا يجب أن يسد هذا الباب وأن يوكل هذا الأمر الى أهل العلم والاختصاص، ويجب على المفتين التورع في الإفتاء في كل شيء، وهذه أمور ليست من سمات عباد الله الصالحين المخلصين لله عز وجل.

واختتم حديثه عن الآداب التي ينبغي أن يراعيها المستفتي فقال: يجب على المستفتي أن يبحث عن من هو أدرى بمآلات أمورنا ويعرف بما يصلح لنا ويتناسب مع وضعنا ومجتمعنا، لأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال فقد يباح أو يجاز لمجتمع عمل شيء معين ويمنع منه مجتمع آخر ويجب أن لا نأخذ من البعيدين ونقدمها على منهم عندنا، وأضاف أنه لا ينبغي للمستفتي أن يسمع من النت أو التلفاز ويقرأ في المواقع عن قضية معينة لا يجوز أن ينزلها على بيئته فلذلك لا بد أن تتيقن من الفتوى، أن السؤال والحال مطابق لحال وسؤال المستفتي، وأما بالنسبة للمفتي وخصوصا من يفتون في الفضائيات ويخاطبون الناس يجب عليه أن يضع عدة اعتبارات أولا بمخاطبة الناس بما يعقلون، وأن يخاطب الناس بما لا يعقلون فإنهم قد يفهمونه خطأ ويطبقون خطأ وبذلك سيتحمل المفتي إثم تلك الفتوى ووزر من عمل بها، ويجب علي المفتي أن يفهم أعراف الناس وعاداتهم ولهجاتهم فبعض العادات يفهمها الناس بالشكل الصحيح والبعض الآخر يفهمها بشكل آخر، وأن يكون على قدر من المستوى والوعي والإدراك ويميز بين حال وحال ووضع و وضع، وبيئة وأخرى.

 

أضف تعليق