علماء ودعاة اليمن : التفريط بالمال العام والعُهَد وممتلكات الدولة محرّمٌ شرعاً
علماء ودعاة اليمن : التفريط بالمال العام والعُهَد وممتلكات الدولة محرّمٌ شرعاً
تاريخ النشر: الإثنين, 02 يوليو 2018 - 06:49 صباحاً | عدد المشاهدات: 1,439
مجلة المنبر اليمني- استطلاع / حمود هزاع
أكد العلماء، والدعاة على حرمة نهب المال العام، وحرمة الاعتداء على مؤسسات الدولة، وممتلكاتها، وكافة المرافق العامة، وحرمة نهبها، أو استغلالها من المؤتَمَنين عليها، لتحقيق منافع خاصة بهم أو لأقاربهم .
وطالب العلماء الذين استطلعت مجلة "المنبر اليمني" آراءهم؛ اليمنيين -وفي مقدمتهم قيادات الشرعية العسكرية، والمدنية- بالحفاظ على مال الدولة، وممتلكاتها، التي حذر الإسلام من الاعتداء عليها في حال السلم أو الحرب، ووصية أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- واضحة في هذا الأمر، فقد نهى عن تخريب العمران، وإتلاف المؤسسات التي لا غنى عنها لحياة الناس؛ فقال -رضي الله تعالى عنه- : "ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاةً، ولا بعيراً، إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه”.
التعدي على أموال وممتلكات الدولة بأي حيلة خيانة أمانة
يقول القاضي د. أحمد عطية معالي وزير الأوقاف والإرشاد: “إن الله شدد في قضية الحفاظ على الأموال العامة، وألا تصرف إلا في وجوهها، وطرقها المأمور بها، والمسموح بها، ولم يجعل أمر التصرف المالي متروكاً لأهواء الناس؛ لكي يستقيم أمر التعامل المالي في الحياة”. وذكر القاضي عطية أن الله وضع قاعدة عامة في التصرف المالي فقال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وهذا يتناول الأموال العامة والخاصة.
وأضاف الوزير عطية: "ظهر في هذا الزمان التساهل في الأموال العامة؛ بحجة أنها أموال عامة، وأنه يجوز لكل شخص الأخذ منها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فمع ضعف الرقابة، اجتمع ضعف الإيمان مع ضعف الفهم لرأي الشرع في ذلك. والنبي -صلى الله عليه وسلم- سلط الضوء على هذه الصورة من الحالة النفسية التي تطرأ على الناس إذا لم تلق رادعاً يردعها، فقال: "والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حق إلا لَقِيَ الله تعالى يوم القيامة يحمله" رواه أبو حميد مرفوعًا، وفي البخاري: "إن رجالًا يتخوّضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة".
وأكد معالي وزير الأوقاف أن "أموال الدولة ملك عام؛ لا يصح التصرف في شيء منها بدون وجه حق، وأن التعدي عليها بأي وسيلة أو حيلة يُعدُّ خيانة أمانة، إذا لم يُعد سرقة يقام على صاحبها الحدّ .أما تبرير هذا الفعل بحجة أنها ملك للشعب، وللشعب -أفرادًا وجماعات- الحق في أخذه بأي طريقة؛ فهذا هو غاية الفساد والبطلان؛ لأنه يُعدّ تبريراً للنهب، والسرقة، وشيوع الفوضى، والاضطراب في مرافق الحياة، فضلًا عن مرافق الدولة".
وشدد القاضي عطية على أن المال العام لا يجوز صرفه إلا في مصالح عامة، وبنظر الجهة المخولة بصرفه من قبل الحاكم، - الذي هو ولي الأمر - ويكفي في احترام المال العام -مال الدولة - أن سارقه يقام عليه الحد، والتعدي عليه معيب عُرفًا وعقلاً ومحرم شرعًا.
ونوه معالي الوزير إلى أنه إذا حصل الاحتيال والاستهتار بالمال العام مِنْ مَنْ هم أصلاً مكلفون بحمايته؛ كالمسؤولين، والموظفين؛ فإن الحرمة تكون أشد، والعيب آكد؛ وبالتالي فإن كل عهدة مالية تقع بيد شخص أو جهة، يلزم الحفاظ عليها، وعدم العبث بها، وإلا فالآخِذُ، والعابث، والمتساهل؛ مسؤول أمام الله تعالى، كما هو مسؤول كذلك أمام القانون، ويُعَدّ خيانة أمانة؛ إن لم يكن سرقة.
من يأكل مال "الشعب" فهو يأكل مال كل الضعفاء
أما الشيخ منصر أحمد عبد المانع نوح أستاذ الفقه الشافعي في مركز دار الحديث في مأرب فيقول: "لا يخفى على ذي لب ومن له بصيص نور بمقاصد هذا الدين العظيم أن دين الإسلام الحنيف جاء لحفظ الضروريات الخمس (الكليات) وهي: "حفظ الدين، والنفس، والمال، والعرض، والعقل"، فظهر أن المال يحتل المرتبة الثالثة في الضروريات العامة؛ فالحياة لا تنتظم إلا بانتظامه، وتفسد الحياة بإفساده، ومن هنا جاءت ضرورة حفظه وصيانته، وتولية الأمناء عليه. ويواصل الشيخ منصر حديثه قائلاً: لهذا جاءت الأجور العظيمة والمثوبات الجزيلة في القرآن الكريم والسنة النبوية، لمن قام بحفظ أموال المسلمين العامة والخاصة؛ سواء كان في مؤسسات الدولة العسكرية، أم المدنية، أم المجتمعية، كالجمعيات الخيرية ونحوها. ونوه الشيخ منصر إلى العقوبات الوخيمة، والتهديدات العظيمة، التي تطال من لعب، أو يلعب بمقدرات المسلمين، وأموالهم العامة والخاصة، وسعى في إفسادها وأكلها بغير وجه حق، أو سرقتها، أو اختلاسها، أو التحايل فيها، أو المكر، أو الخداع من أجل أخذها، والاستئثار بها، وسواء كانت هذه الأموال عهدًا عينية، أم نقوداً، أم حقوقاً عامة، كالوظائف، والمناصب العامة في الدولة، فلا بد أن توضع في مكانها، وتسند إلى مستحقيها ومن هو أهل لها؛ فإنها من الأمانة التي يجب حفظها، وفي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عيه وسلم- قال: "من استعملناه على عمل فكتمنا مخيطًا فهو غلول يأتي به يوم القيامة". هذا فيمن كتم إبرة واحدة من حقوق المسلمين، فكيف بمن كتم ملايين وعهدًا كثيرة وعظيمة؟ كيف يكون حاله يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين !.
وشدد الشيخ منصر على أن من يأكل مال الأمة "الشعب" بغير حق، فهو يأكل مال اليتيم، والأرملة، والمرأة الضعيفة، والمجنون، وكل الضعفاء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إني أحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة، وما أكثر اليتامى فينا، وما أكثر أبناء الشهداء وأكثر الأرامل، والمساكين، والضعفة والجرحى، والمفقودين"، وأكد أن ذلك يقابله الثواب، والأجور العظيمة لمن قام بحفظ الأموال العامة، والخاصة، وقام عليها حق القيام، وأدى الأمانة فيها، مشيراً إلى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "والخازن الأمين الذي يؤدي حق الله عليه طيبة بها نفسه فهو أحد المتصدقين".
الاسلام حرم استغلال المناصب
من جانبها قالت الأكاديمية أ.د أسماء القرشي: "إن المال العام أمانة، وجُعلت الأمانة معياراً للتعفف، ومقياساً لنهضة الأمم، ورقيها، فالأمانة تنظم شؤون الحياة؛ من عقيدة، وعبادة، وأدب ومعاملة، وتكافل، فإذا ضاعت الأمانة؛ سفكت الدماء المحرمة، وأكلت أموال المستضعفين بالباطل، وهذا أعظم ما تكون به خيانة الله ورسوله؛ ولذا شدد الإسلام على ضرورة التعفف عن استغلال المنصب، ومنع التحايل على ما استخلف فيه؛ ففي الصحيح: (من استعملناه منكم على عمل فكَتَمَنا مخيطاً فما فوق كان غلولاً يأتي به يوم القيامة) رواه مسلم.
وأضافت القرشي: "فتحرم الخيانة، وينبغي على المؤتَمَن ألا يستغل منصبه لجر منفعة له، أو لقرابته، ويجب التعاون من الآخرين، وإبلاغ الجهات المختصة بمراقبة المال العام، في حال ثبتت سرقات، أو تجاوزات؛ استجابة لأمر الله، واتقاء خزي يوم القيامة، (إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء يعرف به، فيقال: هذا غدرة فلان، وفي رواية "لكل غادر لواء يرفع له بقدر غدرته، ألا ولا غادر أعظم من أمير عامة"، البخاري.
وفي السياق ذاته يقول الشيخ محمد ناصر الحزمي؛ الناطق الرسمي لهيئة علماء اليمن: "إن الإسلام جاء في أغلب تشريعاته، وإرشاده إلى إحياء ضمير الإنسان بالإيمان، والإنسان بطبعه لا يُعقل إلا بعِقالين: عِقال الإيمان، وعِقال السلطان (القانون). فإذا تفلّت من هذين العقالين؛ ذهب يفتي لنفسه بجواز أخذ ما ليس له؛ وهذا للأسف ظاهر للعيان، فبعضهم الحرام عنده مالم يقدر على أخذه، مع أن الموظف إذا أخذ عهدة؛ فقد وضعت عنده أمانة؛ لا يجوز له شرعًا أن يفرّط فيها، أو يأخذ منها شيئًا؛ لأنه يأخذ على عمله راتب، وفق العقد الذي بينه وبين صاحب العمل (الدولة)، فإن قال: لا يكفي الراتب، أو الراتب مقطوع، فعليه أن يترك هذا العمل؛ لا أن يسرق.
وأوضح الشيخ الحزمي أن إحياء الضمير بالإيمان، أو تقيده بالسلطان (القانون)، هو المخرج من الفساد في المال العام.
مجلة المنبر اليمني- استطلاع / حمود هزاع
أكد العلماء، والدعاة على حرمة نهب المال العام، وحرمة الاعتداء على مؤسسات الدولة، وممتلكاتها، وكافة المرافق العامة، وحرمة نهبها، أو استغلالها من المؤتَمَنين عليها، لتحقيق منافع خاصة بهم أو لأقاربهم .
وطالب العلماء الذين استطلعت مجلة "المنبر اليمني" آراءهم؛ اليمنيين -وفي مقدمتهم قيادات الشرعية العسكرية، والمدنية- بالحفاظ على مال الدولة، وممتلكاتها، التي حذر الإسلام من الاعتداء عليها في حال السلم أو الحرب، ووصية أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- واضحة في هذا الأمر، فقد نهى عن تخريب العمران، وإتلاف المؤسسات التي لا غنى عنها لحياة الناس؛ فقال -رضي الله تعالى عنه- : "ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاةً، ولا بعيراً، إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه”.
التعدي على أموال وممتلكات الدولة بأي حيلة خيانة أمانة
يقول القاضي د. أحمد عطية معالي وزير الأوقاف والإرشاد: “إن الله شدد في قضية الحفاظ على الأموال العامة، وألا تصرف إلا في وجوهها، وطرقها المأمور بها، والمسموح بها، ولم يجعل أمر التصرف المالي متروكاً لأهواء الناس؛ لكي يستقيم أمر التعامل المالي في الحياة”. وذكر القاضي عطية أن الله وضع قاعدة عامة في التصرف المالي فقال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وهذا يتناول الأموال العامة والخاصة.
وأضاف الوزير عطية: "ظهر في هذا الزمان التساهل في الأموال العامة؛ بحجة أنها أموال عامة، وأنه يجوز لكل شخص الأخذ منها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فمع ضعف الرقابة، اجتمع ضعف الإيمان مع ضعف الفهم لرأي الشرع في ذلك. والنبي -صلى الله عليه وسلم- سلط الضوء على هذه الصورة من الحالة النفسية التي تطرأ على الناس إذا لم تلق رادعاً يردعها، فقال: "والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حق إلا لَقِيَ الله تعالى يوم القيامة يحمله" رواه أبو حميد مرفوعًا، وفي البخاري: "إن رجالًا يتخوّضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة".
وأكد معالي وزير الأوقاف أن "أموال الدولة ملك عام؛ لا يصح التصرف في شيء منها بدون وجه حق، وأن التعدي عليها بأي وسيلة أو حيلة يُعدُّ خيانة أمانة، إذا لم يُعد سرقة يقام على صاحبها الحدّ .أما تبرير هذا الفعل بحجة أنها ملك للشعب، وللشعب -أفرادًا وجماعات- الحق في أخذه بأي طريقة؛ فهذا هو غاية الفساد والبطلان؛ لأنه يُعدّ تبريراً للنهب، والسرقة، وشيوع الفوضى، والاضطراب في مرافق الحياة، فضلًا عن مرافق الدولة".
وشدد القاضي عطية على أن المال العام لا يجوز صرفه إلا في مصالح عامة، وبنظر الجهة المخولة بصرفه من قبل الحاكم، - الذي هو ولي الأمر - ويكفي في احترام المال العام -مال الدولة - أن سارقه يقام عليه الحد، والتعدي عليه معيب عُرفًا وعقلاً ومحرم شرعًا.
ونوه معالي الوزير إلى أنه إذا حصل الاحتيال والاستهتار بالمال العام مِنْ مَنْ هم أصلاً مكلفون بحمايته؛ كالمسؤولين، والموظفين؛ فإن الحرمة تكون أشد، والعيب آكد؛ وبالتالي فإن كل عهدة مالية تقع بيد شخص أو جهة، يلزم الحفاظ عليها، وعدم العبث بها، وإلا فالآخِذُ، والعابث، والمتساهل؛ مسؤول أمام الله تعالى، كما هو مسؤول كذلك أمام القانون، ويُعَدّ خيانة أمانة؛ إن لم يكن سرقة.
من يأكل مال "الشعب" فهو يأكل مال كل الضعفاء
أما الشيخ منصر أحمد عبد المانع نوح أستاذ الفقه الشافعي في مركز دار الحديث في مأرب فيقول: "لا يخفى على ذي لب ومن له بصيص نور بمقاصد هذا الدين العظيم أن دين الإسلام الحنيف جاء لحفظ الضروريات الخمس (الكليات) وهي: "حفظ الدين، والنفس، والمال، والعرض، والعقل"، فظهر أن المال يحتل المرتبة الثالثة في الضروريات العامة؛ فالحياة لا تنتظم إلا بانتظامه، وتفسد الحياة بإفساده، ومن هنا جاءت ضرورة حفظه وصيانته، وتولية الأمناء عليه. ويواصل الشيخ منصر حديثه قائلاً: لهذا جاءت الأجور العظيمة والمثوبات الجزيلة في القرآن الكريم والسنة النبوية، لمن قام بحفظ أموال المسلمين العامة والخاصة؛ سواء كان في مؤسسات الدولة العسكرية، أم المدنية، أم المجتمعية، كالجمعيات الخيرية ونحوها. ونوه الشيخ منصر إلى العقوبات الوخيمة، والتهديدات العظيمة، التي تطال من لعب، أو يلعب بمقدرات المسلمين، وأموالهم العامة والخاصة، وسعى في إفسادها وأكلها بغير وجه حق، أو سرقتها، أو اختلاسها، أو التحايل فيها، أو المكر، أو الخداع من أجل أخذها، والاستئثار بها، وسواء كانت هذه الأموال عهدًا عينية، أم نقوداً، أم حقوقاً عامة، كالوظائف، والمناصب العامة في الدولة، فلا بد أن توضع في مكانها، وتسند إلى مستحقيها ومن هو أهل لها؛ فإنها من الأمانة التي يجب حفظها، وفي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عيه وسلم- قال: "من استعملناه على عمل فكتمنا مخيطًا فهو غلول يأتي به يوم القيامة". هذا فيمن كتم إبرة واحدة من حقوق المسلمين، فكيف بمن كتم ملايين وعهدًا كثيرة وعظيمة؟ كيف يكون حاله يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين !.
وشدد الشيخ منصر على أن من يأكل مال الأمة "الشعب" بغير حق، فهو يأكل مال اليتيم، والأرملة، والمرأة الضعيفة، والمجنون، وكل الضعفاء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إني أحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة، وما أكثر اليتامى فينا، وما أكثر أبناء الشهداء وأكثر الأرامل، والمساكين، والضعفة والجرحى، والمفقودين"، وأكد أن ذلك يقابله الثواب، والأجور العظيمة لمن قام بحفظ الأموال العامة، والخاصة، وقام عليها حق القيام، وأدى الأمانة فيها، مشيراً إلى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "والخازن الأمين الذي يؤدي حق الله عليه طيبة بها نفسه فهو أحد المتصدقين".
الاسلام حرم استغلال المناصب
من جانبها قالت الأكاديمية أ.د أسماء القرشي: "إن المال العام أمانة، وجُعلت الأمانة معياراً للتعفف، ومقياساً لنهضة الأمم، ورقيها، فالأمانة تنظم شؤون الحياة؛ من عقيدة، وعبادة، وأدب ومعاملة، وتكافل، فإذا ضاعت الأمانة؛ سفكت الدماء المحرمة، وأكلت أموال المستضعفين بالباطل، وهذا أعظم ما تكون به خيانة الله ورسوله؛ ولذا شدد الإسلام على ضرورة التعفف عن استغلال المنصب، ومنع التحايل على ما استخلف فيه؛ ففي الصحيح: (من استعملناه منكم على عمل فكَتَمَنا مخيطاً فما فوق كان غلولاً يأتي به يوم القيامة) رواه مسلم.
وأضافت القرشي: "فتحرم الخيانة، وينبغي على المؤتَمَن ألا يستغل منصبه لجر منفعة له، أو لقرابته، ويجب التعاون من الآخرين، وإبلاغ الجهات المختصة بمراقبة المال العام، في حال ثبتت سرقات، أو تجاوزات؛ استجابة لأمر الله، واتقاء خزي يوم القيامة، (إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء يعرف به، فيقال: هذا غدرة فلان، وفي رواية "لكل غادر لواء يرفع له بقدر غدرته، ألا ولا غادر أعظم من أمير عامة"، البخاري.
وفي السياق ذاته يقول الشيخ محمد ناصر الحزمي؛ الناطق الرسمي لهيئة علماء اليمن: "إن الإسلام جاء في أغلب تشريعاته، وإرشاده إلى إحياء ضمير الإنسان بالإيمان، والإنسان بطبعه لا يُعقل إلا بعِقالين: عِقال الإيمان، وعِقال السلطان (القانون). فإذا تفلّت من هذين العقالين؛ ذهب يفتي لنفسه بجواز أخذ ما ليس له؛ وهذا للأسف ظاهر للعيان، فبعضهم الحرام عنده مالم يقدر على أخذه، مع أن الموظف إذا أخذ عهدة؛ فقد وضعت عنده أمانة؛ لا يجوز له شرعًا أن يفرّط فيها، أو يأخذ منها شيئًا؛ لأنه يأخذ على عمله راتب، وفق العقد الذي بينه وبين صاحب العمل (الدولة)، فإن قال: لا يكفي الراتب، أو الراتب مقطوع، فعليه أن يترك هذا العمل؛ لا أن يسرق.
وأوضح الشيخ الحزمي أن إحياء الضمير بالإيمان، أو تقيده بالسلطان (القانون)، هو المخرج من الفساد في المال العام.