متابعات: عبد الرحمن الجلبين
تحدث الشيخ معين آل ترك مقرر رابطة أهل الحديث في عدن, في برنامج مع علماء اليمن الذي يبث الساعة الثامنة من مساء كل خميس في قناة اليمن الفضائية، عن مفهوم العدل وقيمته في الاسلام، وكيف رسخ الإسلام العدل في كل شؤون الحياة، عن حدود العدل، والمنافع الاجتماعية لتطبيق العدل، وآثار غياب العدل عن المجتمع، ومظاهر تحقق العدل بين الناس، و كيفية تحقيق العدل المجتمعي، والاقتصادي.
وعن مفهوم العدل وقيمته قال: العدل في اللغة بمعنى السوية، والتسوية وفي العرف العام رعاية حقوق الآخرين، وعلى ضوء ذلك عرف العدل بأنه "إعطاء كل ذي حق حقه" ويوسع مفهوم العدل، ويستعمل بمعنى "وضع الشيء في موضعه أو القيام بكل فعل على وجه حسن" وعلى وفق هذا التعريف، يكون العدل مرادفا للحكمة، وعرفه الجرماني (العدل مصدر يعني العدالة وهو الاعتدال والاستقامة وهو الميل إلى الحق).
وبين أن الإنسان يحتاج إلى العدل في شتى جوانب حياته فهو يتعامل مع أفراد مختلفين لا تجمعه بهم صلة أو قرابة ، أو معرفة، فإذا كان شعار أفراد المجتمع العدل ، فسيعيش كل فرد فيه وهو مطمئن لأنه لن يظلم، وسيأخذ كل حقوقه ومطالبه بدون عناء مهما كانت منزلته. والأمة مكلفة بتحقيق العدل في الأرض وأن تبني حياتها كلها على أصول العدل حتى تستطيع أن تحيا حياة حرة كريمة، فقد أمر الله به فقال (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
أما قيمة العدل فهي ضرورية في الإسلام، وعمل الإسلام على إثباتها وترسيخها بين النّاس، حتّى ارتبطت بها جميع مناحي تشريعاته ونظمه، فلا يوجد نظام في الإسلام إلاّ وللعدل فيه مطلب، فهو مرتبط بنظام الإدارة والحكم والقضاء وأداء الشّهادة وكتابة العهود والمواثيق، بل إنّه مرتبط أيضًا بنظام الأسرة والتّربية، والاقتصاد والاجتماع والسّلوك والتّفكير إلى غير ذلك من أنظمة الإسلام الشاملة.
وأضاف عن حدود العدل قال: العدل يجب أن يتحقق للجميع كفارا وعصاة، اعداء وخصوما، الرجل والمرأة، الطفل والشيخ، قال الله تعالى: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) فالنص يطلقه هكذا عدلاً شاملاً ( بين الناس ) جميعاً لا عدلاً بين المسلمين بعضهم وبعض فحسب وإنما هو حق لكل إنسان بوصفه إنساناً فهذه الصفة هي التي يترتب عليها حق العدل في المنهج الرباني. هذا العدل الذي لم تعرفه البشرية قط إلا على يد الإسلام، كما شرع الله للمسالم غير المسلم شيئاً فوق العدل وأهم منه وهو: البر به، والإحسان إليه، والتلطف معه، والحرص على نفعه بكل قول جميل وفعل حميد قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وانظر إلى هذه الآية التي تلخص الغاية من جميع الرسالات السماوية (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان}،لماذا يا رب؟، {ليقوم الناس بالقسط.}؛ فقد أُنزل الله الكتب وأرسل الرسل من أجل إقامة العدل في الأرض بين جميع الخلائق، على اختلاف أديان الناس وألوانهم وبلدانهم.
كما بين أثر تطبيق العدل وغيابه فقال: جعل الله العدل نظاما للعالم، وقياما للخلق، فالعدل قانون إلهي لا تبديل فيه ولا تحويل، كالقوانين التي تسير الشمس والقمر والنجوم والرياح، وتصرف العالم كله، قال تعالى: (والسماء رفعها ووضع الميزان) وقد أمر الله بالعدل؛ لتستقيم الأمور، وتعتدل الحياة، حتى لا تتصرف الأهواء في أحوال العباد، ولا تتلاعب بها الشهوات والعصبيات من تلك الآثار.
فبالعدل يستتب الأمن في البلاد، ويشعر الناس بالاستقرار، وبذلك يُقضى على المشكلات، وبالعدل يعم الخير في البلاد، فهو سبب في حصول الخير والبركة، والعدل أساس الدول والملك وبه دوامهما، و من قام بالعدل نال محبة الله سبحانه، قال تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، وبالعدل يسود التعاون والتماسك في المجتمع. وبالمقابل عدم تحقيق العدل وإقامته على الوجه الأكمل والصحيح والإخلال به وعدم تطبيقه في جميع مناحي الحياة ومن جميع أفراد المجتمع سبب للمشكلات والاضطرابات والقلاقل وانعدام الأمن وحصول الفتن، والخوف والقلق النفسي والشقاء، والفوضى والتمرد وانشغال البال وتعطل المصالح.
وأشار الى أثر غياب العدل على قوة المسلمين فقال: إن الظلم الحادث بين الأفراد بعضهم بعضا غالبا ما يكون أثره محدودًا، ولكن الظلم الذي تتبناه دولة ما أو نظام ما ضد شعبه، أو ضد فئة معينة من شعبه لأسباب سياسية أو اجتماعية، أو دينية يكون أثره واسعًا وجامحًا، ويصيب الأمة في مقتل ويهدد كيانها، فغياب العدل وانتشار الظلم يؤثر في قوة المسلمين وتآزرهم، ويظهر هذا جليا في التفرق والتشرذم والاختلاف والشقاق بل حتى في الخيانة، وعندما تمسك الناس بالعدل ظهرت القوة، فعمر رضي الله عنه يلخص الهرمزان ذلك عنه (حكمت فعدلت فأمنت فنمت).
وعن تطبيق العدل على النفس قال: يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)، وكان عليه الصلاة والسلام اول من يطبق هذا، ففي قصته مع المخزومية التي سرقت، وفي غزوة بدر قصة سواد، وفي تحلله قبل وفاته وقصة أبو بكر مع بلال وسلمان وصهيب. وقصة عمر مع القبطي وابن عمرو، وقصة عثمان مع الغلام، وقصة علي مع قاتله حين قال: (إن متّ فاقتلوه، وإن عشت فأنا أعلم كيف أصنع به).
وأوضح كيفية تحقيق العدل المجتمعي والاقتصادي فقال: لقد حقق الإسلام العدل في كل النواحي ومن ذلك في المجتمع والاقتصاد فمن أسس العدالة الاجتماعية، ومنها أيضا المساواة بين أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، والتوزيع العادل للثروة فلا تستأثر فئة دون أخرى، واحترام حقوق الإنسان كحق الحياة والحرية والمسئولية والملكية، أما في الاقتصاد: فحرم السرقة وشرع الزكاة وأحل البيع ومنع الربا وفرض الجزية وأسس مبدأ حرية الكسب والتحصيل بطرق شرعية، ومراعاة المصلحة الفردية مع مراعاة أن مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد في حدود العدل والإنصاف.
وختم حديثه عن حقوق الانسان والعدل فقال: شرع الإسلام - منذ أربعة عشر قرنا - "حقوق الإنسان" في شمول وعمق، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها، وصاغ مجتمعه على أصول ومبادئ تمكن هذه الحقوق وتدعمها في كل مجالات الحياة الانسانية، منها: حق الحياة، حق الحرية حق المساواة، حق العدالة، حق الحماية من تعسف السلطة، حق الفرد في حماية عرضه وسمعته، حقوق الأقليات، حق المشاركة في الحياة العامة، حق حماية الملكية، حق العامل وواجبه، حق بناء الأسرة، حقوق الزوجة، حق الفرد في حماية خصوصياته.
متابعات: عبد الرحمن الجلبين
تحدث الشيخ معين آل ترك مقرر رابطة أهل الحديث في عدن, في برنامج مع علماء اليمن الذي يبث الساعة الثامنة من مساء كل خميس في قناة اليمن الفضائية، عن مفهوم العدل وقيمته في الاسلام، وكيف رسخ الإسلام العدل في كل شؤون الحياة، عن حدود العدل، والمنافع الاجتماعية لتطبيق العدل، وآثار غياب العدل عن المجتمع، ومظاهر تحقق العدل بين الناس، و كيفية تحقيق العدل المجتمعي، والاقتصادي.
وعن مفهوم العدل وقيمته قال: العدل في اللغة بمعنى السوية، والتسوية وفي العرف العام رعاية حقوق الآخرين، وعلى ضوء ذلك عرف العدل بأنه "إعطاء كل ذي حق حقه" ويوسع مفهوم العدل، ويستعمل بمعنى "وضع الشيء في موضعه أو القيام بكل فعل على وجه حسن" وعلى وفق هذا التعريف، يكون العدل مرادفا للحكمة، وعرفه الجرماني (العدل مصدر يعني العدالة وهو الاعتدال والاستقامة وهو الميل إلى الحق).
وبين أن الإنسان يحتاج إلى العدل في شتى جوانب حياته فهو يتعامل مع أفراد مختلفين لا تجمعه بهم صلة أو قرابة ، أو معرفة، فإذا كان شعار أفراد المجتمع العدل ، فسيعيش كل فرد فيه وهو مطمئن لأنه لن يظلم، وسيأخذ كل حقوقه ومطالبه بدون عناء مهما كانت منزلته. والأمة مكلفة بتحقيق العدل في الأرض وأن تبني حياتها كلها على أصول العدل حتى تستطيع أن تحيا حياة حرة كريمة، فقد أمر الله به فقال (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
أما قيمة العدل فهي ضرورية في الإسلام، وعمل الإسلام على إثباتها وترسيخها بين النّاس، حتّى ارتبطت بها جميع مناحي تشريعاته ونظمه، فلا يوجد نظام في الإسلام إلاّ وللعدل فيه مطلب، فهو مرتبط بنظام الإدارة والحكم والقضاء وأداء الشّهادة وكتابة العهود والمواثيق، بل إنّه مرتبط أيضًا بنظام الأسرة والتّربية، والاقتصاد والاجتماع والسّلوك والتّفكير إلى غير ذلك من أنظمة الإسلام الشاملة.
وأضاف عن حدود العدل قال: العدل يجب أن يتحقق للجميع كفارا وعصاة، اعداء وخصوما، الرجل والمرأة، الطفل والشيخ، قال الله تعالى: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) فالنص يطلقه هكذا عدلاً شاملاً ( بين الناس ) جميعاً لا عدلاً بين المسلمين بعضهم وبعض فحسب وإنما هو حق لكل إنسان بوصفه إنساناً فهذه الصفة هي التي يترتب عليها حق العدل في المنهج الرباني. هذا العدل الذي لم تعرفه البشرية قط إلا على يد الإسلام، كما شرع الله للمسالم غير المسلم شيئاً فوق العدل وأهم منه وهو: البر به، والإحسان إليه، والتلطف معه، والحرص على نفعه بكل قول جميل وفعل حميد قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وانظر إلى هذه الآية التي تلخص الغاية من جميع الرسالات السماوية (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان}،لماذا يا رب؟، {ليقوم الناس بالقسط.}؛ فقد أُنزل الله الكتب وأرسل الرسل من أجل إقامة العدل في الأرض بين جميع الخلائق، على اختلاف أديان الناس وألوانهم وبلدانهم.
كما بين أثر تطبيق العدل وغيابه فقال: جعل الله العدل نظاما للعالم، وقياما للخلق، فالعدل قانون إلهي لا تبديل فيه ولا تحويل، كالقوانين التي تسير الشمس والقمر والنجوم والرياح، وتصرف العالم كله، قال تعالى: (والسماء رفعها ووضع الميزان) وقد أمر الله بالعدل؛ لتستقيم الأمور، وتعتدل الحياة، حتى لا تتصرف الأهواء في أحوال العباد، ولا تتلاعب بها الشهوات والعصبيات من تلك الآثار.
فبالعدل يستتب الأمن في البلاد، ويشعر الناس بالاستقرار، وبذلك يُقضى على المشكلات، وبالعدل يعم الخير في البلاد، فهو سبب في حصول الخير والبركة، والعدل أساس الدول والملك وبه دوامهما، و من قام بالعدل نال محبة الله سبحانه، قال تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، وبالعدل يسود التعاون والتماسك في المجتمع. وبالمقابل عدم تحقيق العدل وإقامته على الوجه الأكمل والصحيح والإخلال به وعدم تطبيقه في جميع مناحي الحياة ومن جميع أفراد المجتمع سبب للمشكلات والاضطرابات والقلاقل وانعدام الأمن وحصول الفتن، والخوف والقلق النفسي والشقاء، والفوضى والتمرد وانشغال البال وتعطل المصالح.
وأشار الى أثر غياب العدل على قوة المسلمين فقال: إن الظلم الحادث بين الأفراد بعضهم بعضا غالبا ما يكون أثره محدودًا، ولكن الظلم الذي تتبناه دولة ما أو نظام ما ضد شعبه، أو ضد فئة معينة من شعبه لأسباب سياسية أو اجتماعية، أو دينية يكون أثره واسعًا وجامحًا، ويصيب الأمة في مقتل ويهدد كيانها، فغياب العدل وانتشار الظلم يؤثر في قوة المسلمين وتآزرهم، ويظهر هذا جليا في التفرق والتشرذم والاختلاف والشقاق بل حتى في الخيانة، وعندما تمسك الناس بالعدل ظهرت القوة، فعمر رضي الله عنه يلخص الهرمزان ذلك عنه (حكمت فعدلت فأمنت فنمت).
وعن تطبيق العدل على النفس قال: يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)، وكان عليه الصلاة والسلام اول من يطبق هذا، ففي قصته مع المخزومية التي سرقت، وفي غزوة بدر قصة سواد، وفي تحلله قبل وفاته وقصة أبو بكر مع بلال وسلمان وصهيب. وقصة عمر مع القبطي وابن عمرو، وقصة عثمان مع الغلام، وقصة علي مع قاتله حين قال: (إن متّ فاقتلوه، وإن عشت فأنا أعلم كيف أصنع به).
وأوضح كيفية تحقيق العدل المجتمعي والاقتصادي فقال: لقد حقق الإسلام العدل في كل النواحي ومن ذلك في المجتمع والاقتصاد فمن أسس العدالة الاجتماعية، ومنها أيضا المساواة بين أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، والتوزيع العادل للثروة فلا تستأثر فئة دون أخرى، واحترام حقوق الإنسان كحق الحياة والحرية والمسئولية والملكية، أما في الاقتصاد: فحرم السرقة وشرع الزكاة وأحل البيع ومنع الربا وفرض الجزية وأسس مبدأ حرية الكسب والتحصيل بطرق شرعية، ومراعاة المصلحة الفردية مع مراعاة أن مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد في حدود العدل والإنصاف.
وختم حديثه عن حقوق الانسان والعدل فقال: شرع الإسلام - منذ أربعة عشر قرنا - "حقوق الإنسان" في شمول وعمق، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها، وصاغ مجتمعه على أصول ومبادئ تمكن هذه الحقوق وتدعمها في كل مجالات الحياة الانسانية، منها: حق الحياة، حق الحرية حق المساواة، حق العدالة، حق الحماية من تعسف السلطة، حق الفرد في حماية عرضه وسمعته، حقوق الأقليات، حق المشاركة في الحياة العامة، حق حماية الملكية، حق العامل وواجبه، حق بناء الأسرة، حقوق الزوجة، حق الفرد في حماية خصوصياته.