جديد الموقع

الرئيسية

مقالات وحوارات

الشيخ أيمن أبو الحسن: ترسيخ الأمن لا يخدم شخصا أو مسئولاً بل يتعلق بالمجتمع كله

الشيخ أيمن أبو الحسن: ترسيخ الأمن لا يخدم شخصا أو مسئولاً بل يتعلق بالمجتمع كله

تاريخ النشر: الأربعاء, 23 مارس 2016 - 17:49 مساءً | عدد المشاهدات: 1,861

حوار: حقائق ووقائع يجسدها التكافل الاجتماعي

فتح باب الحوار والنقاش بجدل دار حول كثير من القضايا الاجتماعية والعلمية والإعلامية وعلاقات فئات المجتمع ببعضها ومكانة كل فئة وواجباتها، واستقر الحوار بالاتفاق على قضايا يجدها من الأهمية بمكان، فنطلق الحوار من الحديث عن العلماء والدعاة ونقد أدوار البعض والإشادة بالآخرين، وانتقل إلى الأمن والإنسان، وذهب نحو التكافل الاجتماعي وطرح مفاهيم جديدة وجدد مفاهيم قديمة، إنه الأستاذ أيمن عبد الله علي أبو الحسن إمام وخطيب جامع الخلفاء الراشدين في مديرية الشعب "إنماء السكنية" رئيس رابطة أهل الحديث في محافظة عدن والأمين العام لمؤسسة نداء للتنمية والدراسات، في حواره الخاص مع برنامج التواصل مع علماء اليمن. ومع الحوار:

*لنبدأ من الحديث عن مكانة العلماء في المجتمع والأدوار القادمة التي يجب أن يضطلعوا بها من الآن وصاعدا ؟

مكانة العلماء في المجتمع هي مكانة الصدر في المجلس؛ لأن العلماء هم صفوة الناس والله سبحانه وتعالى قال: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وقال (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) فالله تعالى قد قسم الناس إلى فريقين، عالم ومتعلم، سائل ومسئول، وبالتالي لا شك أن المنزلة العليا تكون في الصدر، وموضعهم كموضع القلادة في الصدر دائما ما تكون بارزة، لكن هذه الأفضلية ليست للتشريف فقط بل ينبغي أن يضم ويقرن إليها الدور الذي يجب أن يقوم به العالم، فالعالم موقعه ليس على كرسي يجلس ويتصدر كي يطلق أحكامه على الناس أو في القضايا دون أن يكون العالم أحد أفراد هذا المجتمع، يشعر بالأمة ويعيش معاناتها ويتحسس لمواطن الفقر والعوز والحاجة منه, سواء كان العوز والفقر دينيا وهو الجانب الذي تنحصر فيه الفكرة أحيانا, بأننا معلمون ومرشدون ووعاظ ومفتون فقط، لا بل لابد أن يتعدى الدور إلى النظر في الافتقار والعوز الأخلاقي في معالجة السلوكيات والانحرافات والظواهر السلبية، بمعنى أن الدور يكون من أدنى الأشياء في الحياة إلى أعظمها, فإن الدين في أصله شعب متفاوتة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في المتفق عليه : (الإيمان بضع وستون - أو وسبعون - شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق).

*كيف يمكن أن تصبح هذه الأدوار واقعا ملموسا في كل نواحي الحياة الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية والثقافية والفكرية ؟

هذا ينبع من سعة الفكرة واستيعابها عند العالم , ومن كونه هو أصلا يؤمن بالفكرة ويؤمن أن دوره لا ينحصر في مسجده ومنبره، بل دوره أوسع، ثم هو من موضعه لا يقتصر في الكلام عن المسائل الدينية المحضة، بل يتناول جوانب الحياة كلها ويرشد إلى الحق والهدى فيها, فإن ديننا الإسلامي شامل , كامل , واف بحاجة الناس في كل زمان ومكان, و أتفاجأ مرات عدة بعد انتهاء خطبة الجمعة هنا "ويشير إلى مسجده الخلفاء الراشدين "، حيث كان من الحضور أحيانا بعض الإعلاميين والمثقفين، فكنت أظن أني أتحدث بكلام محل اتفاق وليس بغريب يحتاج للإشادة، وإذ بي أتفاجأ ببعض من يحضر للمرة الأولى من إبدائهم الإعجاب الشديد والاستغراب من طرق مثل هذه المواضيع من على المنبر, وربط القديم بالحديث على حد وصف بعضهم، فحين تتحدث عن اهتمامات الناس الحالية, وحين توجه وعظك وإرشادك ملامسا لأوضاعهم يمتن لك الناس ويقولون نريد من يتطرق بشجاعة لفتح هذه المواضيع.

*كيف يستطيع منبر المسجد أن يكون أهم الأدوات لتثبيت الحياة والأمن ومساندة الدولة اليوم في الأوضاع الحالية ؟

إيقاظ الوعي دور مهم، ويخطئ من يظن أن مسألة الكلام في القضايا التي قد تكون محسومة دينيا وعقليا أنها لا تؤثر، لأننا نلمس في الحقيقة تأثيرها, والمؤمن يجب أن يذكر دائما لهذا قال تعالى:(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )، يوجد كثير من الناس يعون هذا الأمر وآخرون مستمرون في غيهم, لكن مع كثرة التطرق لهذه المواضيع في المنابر وبأساليب مختلفة ونماذج ووقائع حصلت، يعود الناس ويفيء منهم إلى رشدهم , ويكونون عامل تثبيت للأمن , هذا دور مهم يقول به أهل العلم وصناع الوعي، والدور الآخر ما تقوم به الجهات الرسمية الأمنية، فالعلماء من مهماتهم غرس قيم الأمور وتمييز الحقائق , كأهمية وجود الدولة والأمن في وعي الناس , وعدم التهوين من شأن ذلك , بل والوقوف معها وتسديدها إلى الصواب والأمثل، ومن الخطأ الفرح بضعف الدولة والأمن, والتشهير بذلك في مواقع التواصل الاجتماعي, أنا أستغرب ممن يقوم بذلك , فهو عندي كمن لا يعبأ بأمنه الخاص وأمن أسرته, فترسيخ الأمن في البلد هذا لا يخدم شخصا واحد أو مسئولا , بل يتعلق بالمجتمع كله.

*كثير من العلماء يتحدث عن أنه تم تهميشهم فهل فعلا حدث ذلك عن قصد أم أن العلماء والدعاة همشوا أدوارهم بأنفسهم ؟

المسؤولية مشتركة، هناك تهميش كان سببه بعض أهل العلم والدعوة بالانعزال وعدم القيام بالدور اللائق , وهذا أحياناً يعود إلى طبيعة شخصية العالم نفسه, فتجده يؤثر الانعزال والانزواء، وهذا لا يعول عليه لأنه حالة منفردة وليس ظاهرة عامة، فالعالم والداعية تربى وعاش ودرس ويعمل في مجتمعه وهو جزء من مجتمعه وحين يخرج ويختلط ويحضر في المناسبات الاجتماعية والأندية ويجلس مع الشباب ويمارس وظيفته يرى ويسمع المشاكل والقضايا ويرى الناس تتعاطى فيما بينها لمحاولة علاج المشاكل , وكل ينطلق من خلفيته وأسلوبه، فلا يصح أن يكون العالم أذنا صماء, ويعزل نفسه عن هموم الناس، وهو يعيش في المجتمع، فمن واجب العالم أن يقوم بمحاولة علاج تلك القضايا والمشاكل , ويُشعر الناس أنه موجود معهم وفي أوساطهم , فلا يتكلم من منبره وكأنه يعيش عالما آخر, أو يتكلم من مقام استعلاء , ويخاطبهم من برج عال وهم دونه، هنا يحصل الانفصام بين المجتمع والعلماء والدعاة، أما إذا شعر الناس بوجود العالم بينهم فسيعملون هم على رفع مكانته وقدره.

هذا من جهة وفي الجهة المقابلة هناك تهميش للعلماء الذين يشاركون المجتمع كل اهتماماته في السراء والضراء, ويبذلون أوقاتهم في محاولة معاجلة قضاياه الاجتماعية والتعليمية والأمنية وإلى غير ذلك, فنجد تهميشا كبيرا, فحين نحتاج فتوى يوافق عليها العالم فنظهره ونرفعه, وحين يختلف رأي البعض مع العالم , يرى أن الأنسب للعالم البقاء في مسجده ! . وهذا سلوك معيب وخطير.

*تعتقد هذا التهميش الذي يستهدف العلماء الفاعلين والمنخرطين في الواقع الاجتماعي من قبل من وكيف تم ؟

من جانب الإعلام بدرجة مباشرة, فهو أنفع الوسائل اليوم لنشر الخير لجميع الناس , والعالم من خلال المنابر الإعلامية الواسعة مرئية ومسموعة ومقروءة يتخاطب مع شرائح كبيرة جدا , لهذا من المتوقع أن تكون الآثار أكبر والثمار أنضج, والفكرة أوسع انتشار خلافاً عن الكلام في المسجد , فكم سيحضر في أكبر مسجد من المصلين "ثلاثة آلاف وبالكثير خمسة آلاف"، أما في الإعلام فالمجال أوسع . والعقبة التي تقف أمام العالم هي في المبادرة، من الذي سيبادر؟ فهل يذهب العالم ويقول أريد منكم استضافتي، إذا لم يشعر الإعلام بدوره ويبادر , فكما أن لدى الإعلام رسالة في نشر الحقائق وتوضيح الواقع , كذلك للعالم رسالة أعمق وأكبر , لهذا يجب أن يشعروا بأهمية دور العلماء .

*إذا ربطنا الوضع الحالي بالتكافل الاجتماعي في اعتقادك أهميته المعنوية اليوم وكيف سينعكس على معيشة الناس الاقتصادية ؟

التكافل الاجتماعي كان بمنزلة الحبل السري الذي كان يعيش الناس عليه فترة الحرب كما يعيش عليه الجنين في بطن أمه , وكان الوريد الأخير في جسد المجتمع المنهك .

*من الإجابة المقتضبة نضع سؤالا حول صور التكافل الاجتماعي كما عاشها المواطنون ؟

الناس يعيشون أجواء مفعمة بالإيمان واليقين والاحتساب والتكافل , ولك أن تتخيل أسرة في منزل ضيق من غرفتين وصالة تستضيف أسرتين وربما أكثر، فيما عائل الأسرة هو موظف بسيط معاشه يوصله لنهاية الشهر بحذر، ومع هذا لا يوجد أمامه غير استضافة تلك الأسر من مبدأ التكافل الاجتماعي الواجب، ويقتسمون الطعام والقوت والمعونة وبعضهم عرفناهم ينفقون على تلك الأسر القاطنة عندهم , وفي بعض الأحوال قد تصل الإعانة ولا تكفي أياما قليلة وقد لا تصل، بل كانت الأسر تأتي بالأطعمة والمعجنات ويذهبون بها إلى الشباب في النقاط والجبهات , وهكذا لعب التكافل الدور ذاته من خلال المساجد رغم الحالة المعيشية المتدهورة وانعدام القمح والحبوب , فقد كان للتكافل الاجتماعي الدور الأبرز , ولا ننكر كذلك دور الجمعيات الفاعلة والحاضرة بقوة حيث كانت كالعمود الفقري للتكافل الاجتماعي.

*أهمية دور التكافل الاجتماعي اليوم نحو الأسرة المعدمة وباقي الفئات الاجتماعية أين تقع تلك الأهمية؟

من الواضح لدى الجميع دور التكافل الاجتماعي المؤسسي وغير المؤسسي , فالتكافل يمكن أن يقوم به فرد أو مؤسسة أو أسرة أو جماعة متطوعة، لن نلغي هذا الدور ولن نقلل من أهميته , لكن في الحقيقة هذا التكافل الذي يبذل بقصارى الجهود هو غاية ما يمكن تقديمه على إعوازه وقلته.

*إذن على من يقوم واجب الاهتمام بالتكافل الاجتماعي نحو الفئات المختلفة في الوطن؟

يجب تحويله إلى مشروع دولة, لأن الناس وصلت لحال لم تعد تستطع تقديم أكثر, ومع ذلك لا زالت تقدم, فنحن نتكلم عن بلد مكتظ بالسكان إضافة إلى أن هناك مدنا كـ (عدن) باتت تستقبل نازحين من المحافظات الأخرى , بعدما كانت تصدر النازحين، فكم سيكون في وسع هؤلاء أن يقدموه إن لم تضطلع الدولة بهذا الدور, وهناك عمل منظم مؤسسي يرفد هذا العمل، ولا ننسى ذكر مواقف دول التحالف الإغاثية هنا ودور مركز الملك سلمان في ذلك جزاهم الله خيرا .

ولا ندري في هذا الوقت هل يمكن أن نوجه اللوم للجهات المسئولة أم نصمت ؟!، ومع هذا يتوجب عليهم تقديم بصمة لإزالة علامات الاستفهام عند الناس "هل وصلوا إلى حالة العجز عن سد حاجة الناس ؟ !", أو على الأقل معالجة القضايا العاجلة , كمشكلة الجرحى وأسر الشهداء والمصابين , ولا يكتفون بالنظر فقط إلى دور الأفراد والمبادرات التطوعية والمساجد والمؤسسات كأننا لا نعيش في دولة.

*هل التكافل الاجتماعي ينحصر في المجال الاجتماعي فقط؟ أليس من الواجب أن يمتد إلى تعزيز الاستقرار الأمني والجوانب الحياتية الأخرى ؟

الأمن أمر رئيس وركيزة الحياة الطبيعية وهو مقدم على كل شأن, فلا يمكن توفير المتطلبات المعيشية من الغذاء وغيره في وسط مضطرب بدون الأمن، فكيف يمكن لأحد أن يساهم في التكافل الاجتماعي والسبل منقطعة وغير آمنة, فلا تستطيع التحرك والعمل وتصبح عائقا كبيرا، فالناس يمكن أن تربط على بطونها وتتحمل ألم والجوع والفقر, لكن الخوف يميت قبل الجوع , والرصاص يطيش ليقتل الجائع والشبعان.

*كلمة في آخر اللقاء:

نشكر برنامج التواصل مع العلماء لأنه يقوم بهذه المهمة , والتي نتمنى على سائر الإعلاميين والصحفيين وسائر قنواتنا خاصة المحلية أن تعطيها مساحة أكبر , لعلاج المشكلات الاجتماعية والأمنية وربطها بالعلماء , وتسهم أكثر في ربط العلماء بعموم الناس، فيسمع الناس كلام أهل العلم ومشورتهم , فالعلماء والدعاة والمصلحين أولا وأخيرا هم أبناء هذا البلد , وفي هذا المجتمع تربوا وعاشوا , ولا يجحد أحد الدور والجهد الكبير الذي تحملوه فيما لو كانت المنابر هذه لم تؤد هذا الدور وأشعرت الناس بالقلق والخوف والهزيمة، أظن حينها أننا كنا بهذا سنقتل الناس قبل أن يقتلهم رصاص الحوثي، سنقتلهم خوفا ورعبا ونحطم معنوياتهم.

 

أضف تعليق

مقالات ذات صلة

علماء يمنيون خلال لقائهم

علماء يمنيون خلال لقائهم "آل الشيخ": المملكة كانت وستبقى عمق اليمن الإستراتيجي

التقى معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، يوم الأحد الموافق 9 ذو الحجة للعام 1444هـ بم .. المزيد
لقاء مفتوح لبرنامج التواصل مع علماء اليمن في ضيافة معالي الشيخ سعد الشثري

لقاء مفتوح لبرنامج التواصل مع علماء اليمن في ضيافة معالي الشيخ سعد الشثري

خاص بدعوة كريمة من معالي الشيخ سعد بن ناصر الشثري المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية التقى .. المزيد
المشرف على برنامج التواصل مع علماء اليمن يستقبل رئيس رابطة أهل الحديث الشيخ أبا الحسن المأربي

المشرف على برنامج التواصل مع علماء اليمن يستقبل رئيس رابطة أهل الحديث الشيخ أبا الحسن المأربي

استقبل سعادة الشيخ عبدالله بن ضيف الله المطيري؛ مشرف برنامج التواصل مع علماء اليمن اليوم الأربعاء 27 رجب 1440 للهجرة الموافق 3أبري .. المزيد
الشيخ عبدالله المطيري يستقبل وفداً من الإصلاح ويؤكد على توحيد صفوف العلماء والدعاة لمواجهة الحوثي

الشيخ عبدالله المطيري يستقبل وفداً من الإصلاح ويؤكد على توحيد صفوف العلماء والدعاة لمواجهة الحوثي

استقبل سعادة الشيخ عبدالله بن ضيف الله المطيري مشرف برنامج التواصل مع علماء اليمن اليوم الاثنين 18رجب 1440هـ الموافق 25 مارس 2019م .. المزيد